المسرح الكودري في بداية العام الجديد..شفان ابراهيم
من المتوقع أن يصطدم الحديث عن أتفاق كوردي – كوردي بمناورات قوى إقليمية ودولية ناهيكم عن النظام، وهي تبدو حازمة لإخماد أي رغبة كوردية في التعاطي الجاد فيما بينهم على أساس الشراكة الحقيقية لإدارة المنطقة الكوردية. فنجاح الحوار الكوردي يدفع عامل تقوية نفوذ المعارضة والإقليم الكوردستاني، وسيغدو الاتفاق الكوردي، الورقة الأمريكية الرابحة في المنطقة عل حساب الدور الروسي والإيراني والنظام السوري.
لذا بات من الصعب جداً الحديث عن أتفاق كوردي –كوردي بمعزل عن التوافق الدولي على الاتفاق الكوردي، وهو ما يتطلب وجود الإرادة السياسية والحازمة، بما لا يقل عن مستوى الإرادة الحازمة التي سارعت الأطراف الدولية لنبذ خلافاتها حول الحل السياسي في سوريا. بل أن سرعة إظهار تقديم التنازلات بين بعضهم البعض بغية التوصل إلى إجماع أممي لوقف أطلاق النار والشروع بحل سياسي، وإن لم يكن تحت البند السابع، لكن الاتفاق أظهر مدى زيف وازدواجية المعايير لدى أصحاب القرار الدولي. فكما التقت مصالح تلك الدول في حماية كوباني، وإقليم كوردستان العراق من خطر داعش، وتُرك التنظيم يلهو ويمرح في عموم سوريا، هؤلاء يستطيعون جر الكورد إلى التوافق قبل وصول مناطقهم التي لا تزال تنعم بأفضلية نسبية مقارنة بباقي مناطق سوريا، وتحولها إلى ساحة حرب ونزاع دامي، سيؤثر سلباً على إقليم كوردستان العراق، وعموم المناطق الكوردية في تركيا.
ومن جهة أخرى، تستقبل المناطق الكوردية عاماً جديداً والهوة تتسارع في الملف الإنساني، إن لجهة أعداد المهاجرين والمهجرين وحجم سوء الخدمات ورداءة البنية التحتية، أو من جهة انعدام المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة، أو من جهة الاكتفاء بمراقبة اللاجئين في المخيمات أمام جنون الطبيعة. هذا عدا عن الأوضاع المأساوية للقلة القليلة البقية في المدن والبلدات الكوردية ومعاناتهم من الفقر والحرمان في ظل التدهور الخطير للحالة المعيشية والاقتصادية والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية الكمالية، وتعطيل أو تجفيف مصادر ومنابع أغلب المشاريع الإنتاجية والزراعية وغيرها. خاصة وأن غالبية الشعب الكوردي المتمسك بالحياة في أرضه غير قادر على تأمين الحد الأدنى من احتياجاته اليومية، وتردي الأوضاع الأمنية والتعليمية والصحية والخدمية، دون أن نغفل هاجس القلق الأكبر المتمثل بوجود جماعات مسلّحة غير منضبطة ومختلفة التوجهات والتعليمات من دون أن تخشى أية مساءلة أو عقاب!.
والوضعية هذه، فإن أزمة الخطاب والتشتت الكوردي على مشارف السنة الجديدة، تزداد تشظياً وإيلاماً وتتوسع الهوة بين الطرفين الكورديين أكثر فأكثر، لتطال جميع قطاعات المجتمع الكوردي بلا استثناء، مترافقة مع وضوح الرغبة لدى من تبقى من الكورد في الخلاص من هذا الاستهتار بأرواحهم ومستقبل مدنهم وبلداتهم. ولايمكن نسيان حالة الاستعلاء التي تنظر بها الإدارة الذاتية لجميع المعارضين والمخالفين والمشتغلين في الحقل السياسي أو المعرفي أو الثقافي، وهي من أكثر الأسباب التي دفعت الشعب الكوردي إلى النفور، خاصة مع قرارات مثل واجب الدفاع الذاتي المفروض عنوة واحتجاز الشباب في الشوارع والأسواق، وفرض مناهج مؤدلجة وغيرها، دون نسيان حالة الضعف الذي يعانيه المجلس الكوردي مقارنة بحجم الموقف ومستلزمات المرحلة.
فهل سيبادر رئيس إقليم كوردستان الرئيس مسعود بارزاني إلى مبادرة رابعة لرأب الصدع وتكون برعاية أممية لمحاصرة الطرفين؟. وهل ينجح إجماع القوى الأممية في محاصرة أطراف الصراع الكوردي مع احتساب اختلاف التوجهات واستغلال الظروف والارتباطات السياسية والعسكرية للطرفين، واختلاف مشاريع وسياسة الطرفين، والضغط عليهم لوقف العنف وضمان نجاح الاتفاق المأمول؟!