التخبط والتعقل في كوردستان......صبحيي ساليي
علامات استفهام كبيرة وكثيرة وكم هائل من العموميات الواضحة وضعت أمام الكوردستانيين، وجميعها فرضت نفسها لبيان النيات التي تتحكم بالعقول والافكار خلال التعامل مع المستجدات والمتغيرات وتحليل المعادلات، واستدعت استقراء الظروف والاختيار السليم لزمان ومكان وآلية الفرز بين الازمات المصطنعة وغيرها، وبين المتخبطين وغيرهم، لإبعاد المشهد عن التعميم أولاً، والتكفل بعدم زيادة التهابه ثانياً، والدفع به نحو زاوية المواجهة الشجاعة وحصره، والسعي وراء المسببات السلبية التي أفرزت الازمات والتي ساهم فيها السياسيون المتخبطون من خلال تضليل الرأي العام وتكريس فكرة الانقسام على أسس سياسية ومناطقية، وهذه الصبغة السياسية-الاعلامية خدمت الأعداء وكل البضائع الكاسدة في سوق المزايدات السياسية التي تم الترويج لها رعاية لمصالح حزبية، وتلبية لرغبات شخصية ومصالح واهداف مرحلية مدفوعة بدوافع ذاتية ونظرات ضيقة تعتمد على الخيال والتمنيات، وأنذرت تلك الممارسات الخاطئة بمخاطر مستقبلية في حال عدم التوصل الى حلول سياسية وقانونية تتوافق مع التطلعات والمصالح العامة وتنسجم مع الواقع ومع منظور ما يفرضه العصر وما تفرضه الخصوصيات التاريخية والقومية والوطنية الكوردية.
إشكاليات المتخبطين لم تعد مجرد تنظيرات أو تهويمات ورؤى وتمنيات، أوتمسكاً بالخيال والأحلام، وفقدان الثقة بالجميع، بل باتت حقائق مكلفة تستوجب مداراتها ومنحها وزنا واعتبارا، وتؤكد عبثية الهروب نحو الوهم والسراب والركض من أزمة إلى أخرى بالإنتقاد والهجوم والصراخ والوقوع في المحظور، وإتهام الآخرين وترديد النغمات الممجوجة عن الحقوق والقانون التي ظاهرها العدالة والقانون، وباطنها اللاعدالة واللاقانون.
أما غير المتخبطين (أي العقلانيين) المقتنعين بأن القلق إنتاب الجميع، والخسائر ستصيب الجميع لو انحدرت الاوضاع نحو الاسوأ، فإنهم سعوا بحكمة وتعقل وحرص شديد وبخطى ثابتة لإعادة المياه الى مجاريها، ليكون المشهد بداية لمرحلة جديدة وبذلوا محاولاتهم الجادة وأبدوا إصرارا كبيرا على مواصلة الحوار مع كافة الاطراف، وحرصوا على استمراره، وأبدوا المرونة خلال اجتماعاتهم وإبتعدوا عن الاثارة في تصريحاتهم، لتجنب ترك الاقليم تحت رحمة المزايدات السياسية وإعطاء انطباع بأن لغة العقل والمنطق تركت الساحة السياسية، ولكن الامور سارت كما لاتشتهي السفن، وكان لابد من إتخاذ بعض الاجراءات التي تمنع الاستفحال.
وبين تخبط البعض وتعقل البعض الآخر، ومن أجل تصحيح الأوضاع وتعديل مساراتها والخروج من الازمات بأقل الخسائر، لابد من الإعتراف بالاخطاء والعودة الى سكة الصواب، والتفاعل الهادىء والمسؤول مع المشكلات وعوامل الاضطراب بصورة موضوعية وواقعية وبشكل يناسب مجريات الاحداث، ولابد من البحث عن طريق آمن للخروج من المتاهات والمطبات وضبط آلية المبادرة، كي يتم منع التصدعات والانغماس في خلافات وتناحرات وصراعات بينية تنهك الجميع حتى النخاع، وفي تلك الحالة لابد من مراجعة الاتفاقات السابقة وإلغاء بعضها وتمتين وتوقيع غيرها...