شنكال وخورماتو اختبرتا السياسيين....صبحيي ساليي
والأعمال المؤسفة المنافية للقانون في (خورماتو) والتي عكرت صفو الأمن ودهورت العلاقات بين حلفاء الامس، وردود الافعال وتصاعد وتيرة الخلافات والتهديدات وانعكاساتها السلبية على مواجهة تنظيم داعش الارهابي، وما سمعناه من تصريحات وشعارات معادية للكورد وخاصة من (شركاء اليوم) في حكم العراق الجديد، أظهرت ان الكثير من السياسين الفاشلين ما زالوا يعزفون على اوتارهم الطائفية ويرفضون الوحدة الوطنية، وأكدت أن العراق برمته مازال يعيش لحظات إخفاق ضبابية إستثنائية ناتجة عن إختلاط المشهد بين عدد من الفاعلين سياسياً، وعن تعقد العلاقات السياسية بين المكونات الاساسية، وأن ما جرى يدخل في دائرة تفكك الدولة وتناثر مكوناتها، والإفضاء إلى تقسيم بالاحسان أو فوضى بلا أي أفق معلوم، أو الى موت وحرب مفتوحة، من دون ردع، كما عززت القناعة بانعدام القدرة على التعايش المشترك مع وجود أمثال هؤلاء السياسيين المبغضين على الساحة السياسية، وأعادت الى تفكيرنا نظرية التبرير التي تنتج وتكرر الشك والتوجس والتردد وعدم الثقة والانقسام والفتنة والصراع، وعقلية المؤامرة وثقافتها وطريقة مواجهة المصاعب والمتاعب التي تخلق التباينات، وربما حيال هذا الامر سنلوم انفسنا لاننا صدقنا هؤلاء اكثر من اللازم وتصورناهم شركاء مؤتمنين، في حين هم يعتبروننا اعداء وهميين يعلقون على شماعتنا كل اسباب عجزهم وفشلهم، واغلبهم قبلوا بالشراكة في الظاهر فقط، رغما عنهم وعلى مضض، وانتظروا الفرص المواتية للانقلاب علينا وعلى الدستور دون الانتباه الى خطورة هذا الأمر وعواقبه.
ما حدث في شنكال وخورماتوو افرز بين السياسي الذي له رؤية شاملة حكيمة ومواقف واضحة صادقة متناسقة، يستطيع قراءة الواقع السياسي بشكل سليم ومنطقي، ويؤمن بضرورة الالتزام بالأخلاق والمبادئ والقيم التى تقتضى الدفاع عن المظلومين والتضحية في سبيل حرية وكرامة الانسان في كل مكان، وله أبعاده الواضحة في العمل السياسي والاجتماعي وتوجهه المهني الصحيح والذي يعبرعن رأيه بالشكل الملموس والواقعي ويعطي بعدا صحيحا للحقيقة ويستطيع أن يفرض منهجيته الثاقبة ويفضح كل الذين تجاوزوا الحدود الأخلاقية والإنسانية في القمع والقتل والقهر والمجازر. وبين السياسي الواهم المهزوز والحالم الباحث عن البروز المفاجىء والشهرة الإعلامية، والذي يظهر ضعيفا يضحك الجميع من تناقضاته وتهافت خطابه وتدني أخلاقه وهبوط مبادئه ووقوفه السافر مع الجلاد ضد الضحية، يعيش داخل شرنقة من المواربة والنفاق والكذب والمعايير المزدوجة المكشوفة، والذي لم يراع التحديات والاحداث السياسية المتسارعة في العراق والمنطقة، ولم يراع الوضع في العراق والتخندق الطائفي الذي يحمل مقومات الانفجار في أي لحظة ولا محاولات القوى السياسية الكوردستانية الابتعاد جهد الامكان عن الصراع الطائفي الدائر في المناطق العربية من العراق، لأنه يعمل ضمن إطار خاضع لأجندات وبرامج سياسية بعيدا عن المعايير الانسانية والاخلاقية..
الحدثان إختبرا ومحصا السياسيين الكوردستانيين والعراقيين، وآليات عملهم من خلال الحرية التي يتمتعون بها، ووضعتهم على المحك وحددا موقفهم من الانسان الكوردستاني والعراقي، وأظهرا الوجه القبيح والعاتم لكل من أساء وأجّج الاوضاع المتأزمة، وأظهرا في المقابل سمات مضيئة لسياسيين صادقين ووطنيين، واجهوا المغتاظين والحاقدين كما يواجهون التنظيمات الإرهابية وعبروا بوضوح عن موقفهم المناصر للانسان والانسانية في شنكال ونبذوا كل أساليب العنف في خورماتو ونقلوا الواقع بمصداقية عبر وسائل الاعلام بالشكل المتوازن والصحيح.