أي المدن أحب إليك؟ .....صبحي ساليي
بعد سقوط النظام البعثي وتحرير العراق في العام 2003 تعرض الايزديون وأبناء الاقليات الدينية الاخرى إلى هجمات إرهابية عديدة وقتل ممنهج، مع إنهم كانوا على الدوام جماعات مسالمة تعيش في أرض أجدادها، وسالت منهم دماء كثيرة جعلتهم يشعرون بعمق المأساة ومرارة التعايش السلمي واشكالياته.
في العهد الفدرالي عنوا المماطلة والتسويف والتعجرف في إعادتهم الى أحضان كوردستان حسب المادة 140 من الدستور العراقي، وفي ظل حكومتي المالكي، عاثت الميليشيات المسلحة في أرض العراق فساداً دون خوف أو وجل، وبعد حملات التحريض على الكراهية العرقية والمذهبية التي مارستها الأجهزة الاعلامية الملوثة بسموم ثقافة الإرهاب، وبعد أن تمت تهيئة الأرضية الخصبة للعدوان على شعبنا ووطننا، أعاد التاريخ نفسه بإسلوب قذر ووجه تعيس، ونفذ داعش فرمانا خبيثا باستهدافه الايزديين الكورد الآمنين وأضاف مأساة مروعة الى مآسي الأنفال سيئة الصيت وكارثة حلبجة والإبادات الجماعية. وارتكب جرائم وحشية قاسية تجاوزت القيم السماوية والانسانية، وإستغل فيها اسم الدين لتشويه التاريخ وإرتكاب الجرائم بحق الأبرياء وخطف النساء والأطفال وإستباحة المحرمات، وسبي وبيع واغتصاب القاصرات، وتشريد الآمنين من بيوتهم، وفي خضم تلك المأساة العصيبة، رفض الشنكاليون الانصياع لداعش فتوجهوا الى الجبل الذي كان على الدوام صديقا لهم، ولكن المفارقة هذه المرة كانت في أنهم، كسبوا أصدقاء آخرين، وعاشوا لحظات مأساوية شديدة، ناجمة عن أصوات الاشتباكات، بين البيشمركه والدواعش، الممتزجة بصراخ الأطفال وصيحات الاستغاثة، وكانوا محاصرين فيه بين أسلحة داعش المتطورة وسندان الجوع والعطش والمرض وتحت شمس حارقة ورياح ترابية شديدة، قطعوا عشرات الأميال مشياً على الأقدام، وحفروا فيه بأياديهم قبورا لأطفالهم الذين قضوا من الجوع والعطش، والمحظوظون منهم فقط تقاسموا الماء بالقطرات في ما بينهم ليصمدوا حتى وصول النجدة إليهم، وأصيب معظمهم بحالات الجفاف الحادة وأعراض مرضية متنوعة.
وأصبحت (شنكال)، جوابا سريعا وقاطعاً لكل كوردي تسأله : أي المدن أحب اليك؟.
والبيشمركه الذين شهد لهم العالم الحر المتمدن، بأنهم رمز البطولة والمقاومة والتصدي والصمود، وبأنهم يقاتلون نيابة عن العالم من أجل القيم الإنسانية السامية، فقد إستجمعوا قواهم، وفي عملية بطولية نوعية ونادرة حرروا شنكال (جوهرة كوردستان) بدمائهم الطاهرة، واعادوا الأمل الى الأخوات والإخوة الأيزديين ..
هذا الانتصار يدعو حكومة إقليم كوردستان الى بذل مساعيها من أجل إعادة الحياة والإستقرار الى المنطقة، وتأمين الخدمات الضرورية وعودة النازحين والمهجرين الى مواطنهم وتكريس المساعي لتحرير المخطوفين والمخطوفات والسبايا من فتيات ونساء الكورد الأيزديات، ويدعو المجتمع الدولي الى الاسهام في اعمار المنطقة وتأمين الخدمات الضرورية وتخفيف معاناة سكانها وتقديم المزيد من الدعم للبيشمركه.