زلقو في العراق .. يالهذا الجنون عبدالكريم كيلاني
جلس زلقو على حافة سطح أحدى بيوتات الطين آنذاك، وجهه للداخل وقفاه للخارج بعد أن نزع عنه السروال او البنطال الذي كان يرتديه في ذلك الوقت، وأخذ يتغوّط دون أن يشعر بالحرج أمام مرأى الناس بلا خجل، عَلتْ وجوه الناظرين إمارات الدهشة والاشمئزاز والتعجب والقرف ، وصاح أحدهم : أنظروا لزلقو ماذا يفعل !!، وقال الآخر : نعم هذا زلقو يتغوط فوق السطح دون استحياء !!، ومذ ذاك الحين، أصبح لزلقو اسما وصيتاً، وأخذ الناس يضربون به الأمثال
بعد مرور عشرات السنين على حادثة زلقو وغائطه، نرى أن البعض لا يزال يراوح في مستنقع السذاجة ولكن بصورة عصرية ويومياً نستمع لحكايا حديثة عن أقران زلقو في مجتمعنا المبتلى بالحروب والمآسي والاتجار بارواح البشر.
جميعنا يعلم بأننا في الميزوبوتاميا " بلاد مابين النهرين " ومنذ قرون، نتعايش كشعوب على هذه الارض، وكل الحروب التقليدية التي فرضت علينا باءت بالفشل بسبب النسيج المتماسك انذاك للقوميات والاديان والطوائف المتعايشة في هذه البقعة من الأرض، لكننا الان أمام غزو بربري متوحش لا يفرق بين مسلم وكافر، ولا بين صغير وكبير، ولا رجل أو أمراة ، وكل من ليس معهم فهو بالتاكيد مستهدف من قبلهم، ليس لديهم رحمة أو شفقة أو أعراف أو شريعة انسانية يعملون تحت ظلالها، الجميع مرتد وكافر بشريعتهم التي هي بالتاكيد بعيدة كل البعد عن الشرائع السماوية والارضية، ولسوء حظنا نحن البشر الموجودين في هذا المستنقع البشري، نختلف على التفاصيل " حتى الغير منطقية منها" .
منذ سنوات ونحن لم نتفق على أمر ينفع الانسان المواطن، لم نستطع اختيار مسؤول يعمل من اجلنا، لم نغير مسؤولاً وعدنا بالرفاهية وتراجع بعد انتخابه ليرفه عن نفسه فقط، بل منحناه فرصة تلو الفرصة ونحن نحلم بالمستقبل دون جدوى، حتى تمادى حثالة البشر على مقدراتنا ومستقبل اطفالنا وارض السلام التي كنا نتباهى بها امام باقي شعوب الارض، وبرفة جفن ذهبت حضارتنا ادراج الرياح، واصبحت ثقافتنا عبارة عن شتائم طائفية واتهامات قومية وتخوين لا يتوقف عند حد، الحوارات التي يجريها السياسيون على شاشات الفضائيات لا تتعدى الاتهامات والضرب بالايدي والقذف والتشهير بلا نتائج تفيد المجتمع، العراق الواحد الموحد التي كان الجميع ينادي به أصبح جحيماً يعيش فيه الناس، لا أمل بالغد ولا ثقة بالساسة ، ولا رواتب للموظفين تعيل عوائلهم وتعينهم على قساوة الحياة قليلا، ما الحل اذاً؟
هناك شيعة وسنة وكورد يتقاسمون هذه البلاد، كل مكون من هذه المكونات لديه ثقافة وتقاليد وحضارة ورؤية تختلف جذرياً عن المكون الآخر، أصبح التعايش صعباً جدا بسبب جهل السياسيين ونرجسيتهم وحبهم للسلطة والمال وطائفيتهم حتى وأن نكروا ذلك، الكثيرون من السياسيين العراقيين يحتفظون بروح " زلقو " في داخلهم ولا يقبلون التخلص منها بأي شكل من الاشكال، والعراق يسير من خراب الى خراب، أصبح رئيس الوزراء رئيساً على بغداد وبضع محافظات فقط من مجموع 19 محافظة، 40 % من العراق تحت ظل داعش التي استغلت هذا الضعف في الجسد العراقي واصبحت تنتشر كالوباء وفي الجسد دون اكتراث بأحد، ولا نسمع ومنذ سنة الى الان سوى الوعود بالخلاص من هذا الوباء في وسائل الاعلام دون نتيجة ملموسة على الارض، بينما العدو منشغل بتجنيد آخرين يومياً، والاستيلاء على المزيد من الذخائر والاسلحة التي يتركها الجيش العراقي خلفه كما حدث في الانبار مؤخراً، اقليم كوردستان العراق أصبح ملاذا لاكثر من مليون ونصف هارب من جحيم الموت بما فيهم عرب ومسيحيين وطوائف اخرى، الحكومة المركزية تعرقل وصول الاسلحة للاقليم ، تعرقل الميزانية ، تعرقل رواتب الموظفين، تعرقل كل ما يخص الاقليم وينفع اهله، وفي نفس الوقت لا تستطيع اعادة الحياة للجسد الميت " العراق " لانها تعاني من مشاكل نفسية وسادية وايدولوجية عقيمة جداً ، السياسيون العراقيون لا يهمهم سوى الظهور الزلقوي في القنوات لاقناع ناخبيهم أنهم يعملون لاجلهم لكن العكس هو الصحيح، لا سياسي جاد يعمل من اجل المواطن والا ببساطة كنا سنرى النتائج مختلفة على ارض الواقع ، ما الحل اذاً ؟
الحل الوحيد الان هو تشكيل ثلاث دويلات سنية وشيعية وكوردية واجزم ان هذا سيحدث في المدى القريب .