• Monday, 23 December 2024
logo

العراق بين هؤلاء وأولئك......صبحي ساليي

العراق بين هؤلاء وأولئك......صبحي ساليي
العراق يعاني مجموعة أزمات وجميعها أخذت وما زالت تأخذ مساحات واسعة من التحليلات السياسية والتوقعات حول أسبابها ونتائجها، والباحثون والمحللون يؤكدون على أن أكثرية الازمات خلقت بفعل فاعل، والفاعلون (وأولهم مختار العصر) يرون أن هناك موجبات وضرورات لخلقها أو صنعها، ولو نظرنا الى مفاجأة ظهور داعش واحتلاله لمساحات واسعة من الاراضي وتحقيقه لانتصارات متعددة في مناطق مختلفة، سنكون مرغمين على التركيز على التوقعات والبحث عن المؤامرات التي حيكت وراء الكواليس، والبحث عن أصحاب القرار الذين كانوا سبباً مباشراً في سطوع نجم داعش المفاجيء، تبدأ معها الإشارات الموجهة الى صاحب القرار، وربما تطرح معها أفكاراً تؤدي إلى الإحباط بين بعض الناس، وترهب آخرين وتدخلهم في حالات الذهول والحذر، أفكاراً نابعة من الخوف من إستمرار المشهد الذي يثخن المصائب والاهوال أو تكراره...
رغم أن صاحب القرار معروف لدى القاصي والداني، ولكن البعض ما زال يحاول دون هوادة طرح التوقعات المتفائلة المنسجمة مع رؤية المستقبل المشرق والأمنيات المشروعة والطموحات التي تدعو للاطمئنان والنابعة من العاطفة وباب التمني، توقعات بعيدة عن الواقع وغير صحيحة أصلاً، هدفها إما تضليل الذات أولاً والآخرين تالياً، أو تنفيذ خطة إنعطافية حادة نحو التغيير وفق مقاييس خاصة للربح والخسارة، أو التمهيد لإنقلاب خانقٍ بعيدٍ عن التوقعات، كتحريك القوة بهدف إحداث أزمة جديدة تغطي الازمات السابقة في المضمون والاتجاه وتضيف خسائر جديدة الى الخسارات الناجمة عن الأزمات السابقة على حساب أناس بسطاء يمكن أن يستغلوا لمآرب خاصة ويدفعوا الكلفة المطلوبة الضرورية دون ان تكون لهم فيها ناقة أو جمل..
هؤلاء الحالمون السابقون الذين كانوا يحيطون بمختار العصر، كانوا يحلقون على نشوة الخيال، لم يستوعبوا الحالة القابلة للحساب بلغة الأحداث والوقائع والنتائج، ولم يستطيعوا قراءة معادلات الإنتكاسات بسبب الخلط المستمر والعقيم بين الشعارات والأماني وبين الحقائق والوقائع، إنقلبوا على الدستور وأصدقاء الامس، و مازال البعض يقول (تخفيفاً أو تلطيفاً ) بإنهم إنحرفوا عن مبادىء الاخوة والتاريخ والنضال المشترك..
أما اليوم فيبدو ان الحاليين، إما لايريدون تقييما حقيقيا وغير عاطفي لما حصل من ممارسات خاطئة في السنوات الثمان الماضية، وتهدئة الأمور وطي صفحة المالكي وحملته التطهيرية في مؤسسات الدولة، وسياساته ضد الكورد والسنة وقسم من الشيعة، والذي أشاع الصراع بسياساته الخاطئة وخلق الفوضى ليبرر بقاءه رئيساً للحكومة، وأجج الكراهيات على أسس بغيضة مازالت تحول دون الاتفاق على استراتيجية وطنية واحدة، وأسهم في أن يصبح التقسيم مطلباً ومخرجاً لدى الكثيرين، وهذا يعني إنهم يريدون أن يسلكوا النهج ذاته في التعامل مع الآخرين ولكن بإسلوب مختلف، وإما يعانون من ضغوط كبيرة مسلطة عليهم، بحيث تشل حركاتهم وإراداتهم وتمنعهم من تنفيذ الورقة التي تشكلت بموجبها الحكومة العراقية الحالية، الورقة التي ستبقى كباقي الاوراق ان لم يؤمن بها الجميع حقاً، وإن لم نلمس هذا الإيمان متجسداً في جميع التعليمات والقرارات..
مع ذلك كله ، لانريد أن نغرق أنفسنا في بحر التحليلات التي توحي بأن الانتصار على داعش واستئصال الفساد ولجم المتطاولين على المقدسات والثوابت والقيم الانسانية، ومنع حدوث ماهو غير متوقع، سهل ومتيسر في ظل ظروف ميدانية وسياسية صعبة، وانقسامات مذهبية مؤلمة.
Top