العراق بين هؤلاء وأولئك......صبحي ساليي
رغم أن صاحب القرار معروف لدى القاصي والداني، ولكن البعض ما زال يحاول دون هوادة طرح التوقعات المتفائلة المنسجمة مع رؤية المستقبل المشرق والأمنيات المشروعة والطموحات التي تدعو للاطمئنان والنابعة من العاطفة وباب التمني، توقعات بعيدة عن الواقع وغير صحيحة أصلاً، هدفها إما تضليل الذات أولاً والآخرين تالياً، أو تنفيذ خطة إنعطافية حادة نحو التغيير وفق مقاييس خاصة للربح والخسارة، أو التمهيد لإنقلاب خانقٍ بعيدٍ عن التوقعات، كتحريك القوة بهدف إحداث أزمة جديدة تغطي الازمات السابقة في المضمون والاتجاه وتضيف خسائر جديدة الى الخسارات الناجمة عن الأزمات السابقة على حساب أناس بسطاء يمكن أن يستغلوا لمآرب خاصة ويدفعوا الكلفة المطلوبة الضرورية دون ان تكون لهم فيها ناقة أو جمل..
هؤلاء الحالمون السابقون الذين كانوا يحيطون بمختار العصر، كانوا يحلقون على نشوة الخيال، لم يستوعبوا الحالة القابلة للحساب بلغة الأحداث والوقائع والنتائج، ولم يستطيعوا قراءة معادلات الإنتكاسات بسبب الخلط المستمر والعقيم بين الشعارات والأماني وبين الحقائق والوقائع، إنقلبوا على الدستور وأصدقاء الامس، و مازال البعض يقول (تخفيفاً أو تلطيفاً ) بإنهم إنحرفوا عن مبادىء الاخوة والتاريخ والنضال المشترك..
أما اليوم فيبدو ان الحاليين، إما لايريدون تقييما حقيقيا وغير عاطفي لما حصل من ممارسات خاطئة في السنوات الثمان الماضية، وتهدئة الأمور وطي صفحة المالكي وحملته التطهيرية في مؤسسات الدولة، وسياساته ضد الكورد والسنة وقسم من الشيعة، والذي أشاع الصراع بسياساته الخاطئة وخلق الفوضى ليبرر بقاءه رئيساً للحكومة، وأجج الكراهيات على أسس بغيضة مازالت تحول دون الاتفاق على استراتيجية وطنية واحدة، وأسهم في أن يصبح التقسيم مطلباً ومخرجاً لدى الكثيرين، وهذا يعني إنهم يريدون أن يسلكوا النهج ذاته في التعامل مع الآخرين ولكن بإسلوب مختلف، وإما يعانون من ضغوط كبيرة مسلطة عليهم، بحيث تشل حركاتهم وإراداتهم وتمنعهم من تنفيذ الورقة التي تشكلت بموجبها الحكومة العراقية الحالية، الورقة التي ستبقى كباقي الاوراق ان لم يؤمن بها الجميع حقاً، وإن لم نلمس هذا الإيمان متجسداً في جميع التعليمات والقرارات..
مع ذلك كله ، لانريد أن نغرق أنفسنا في بحر التحليلات التي توحي بأن الانتصار على داعش واستئصال الفساد ولجم المتطاولين على المقدسات والثوابت والقيم الانسانية، ومنع حدوث ماهو غير متوقع، سهل ومتيسر في ظل ظروف ميدانية وسياسية صعبة، وانقسامات مذهبية مؤلمة.