اغمض عينيك وتخيل .. انه ليل الشتاء القارس في اربيل .. وانت تستلقي في خيمة قابلة للاشتعال .. ارضك طين واطفالك تدفئتهم الوحيدة نفطية وتبعث سموم ثاني أوكسيد الكاربون .. اغمض عينيك وتخيل .. انك لا تعرف ان كنت قادرا على توفير الدواء لطفلك ذي الثلاثة أعوام الذي اتعب جسده السعال وانت تشاركه الغطاء ..اغمض عينيك وتخيل انك كنت بالأمس سيداً لمنزل سعيد حتى دخل الشيطان الى مدينتك العريقة واحالها الى خراب .. أصبحت في يوم وليلة دون عمل ومستقبلك مجهول .. ومضة التخيل البسيطة هذه قد تتركك حزينا وبائسا .. فكيف لو كنت عشت ولأشهر داخل مخيمات النازحين ؟

انا اعلم ان كثيرين اليوم متعاطفون مع النازحين لكن هناك عددا من الحقائق يجب ايضاحها كي نعرف حجم الازمة.

الحقيقة الأولى : عدد النازحين و في آخر إحصائية من الأمم المتحدة مليونين وثلاثمئة الف شخص معظمهم في محافظة دهوك .

الحقيقة الثانية : برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تمكن من توفير الغذاء لقرابة مليون وسبعمئة الف منهم وقدرته على توفير الغذاء تتضاءل ويحتاج الى مئتين وأربعين مليون دولار ليكمل توفير الغذاء حتى نهاية العام الحالي .

الحقيقة الثالثة : عدد سكان دهوك في اخر الاحصائيات المتوفرة مليونين ومئة وعشرين الف تقريبا .. ثمانمائة وعشرون الف منهم نازحون ولاجئون أي ما يقارب النصف من السكان في دهوك هم من النازحين واللاجئين .

الحقيقة الرابعة: عندما نتحدث عن النازحين فهم في كافة انحاء العراق حتى انك تجدهم في النجف وكربلاء بعشرات الآلاف.

الحقيقة الخامسة :النازحون من النساء والأطفال وكبار السن يمثلون الأغلبية .

الحقيقة السادسة: المستقبل التعليمي والصحي للأطفال في المخيمات مهدد.

الحقيقة السابعة: المجتمع الدولي لا يتجاوب بشكل فاعل مع الاحتياجات الإنسانية بقدر تفاعله مع الاحتياجات العسكرية.

الحقيقة الثامنة : التعاطف العربي الإنساني منصب الان على لاجئي سوريا بالدرجة الأولى ونازحي العراق ليسوا أولوية .

الحقيقة التاسعة : هناك ازمة مالية كبيرة في العراق مع انخفاض أسعار النفط وبسبب سنوات طويلة من الفساد .
بلد الخير والثروات اصبح اليوم غير قادرا على احتواء ازمة النازحين وغير قادرا ايضا وحده على مواجهة داعش .

الحقيقة العاشرة : لجنة مجلس النواب العراقي المعنية بمتابعة الازمة لم تثبت جدارتها وحان الوقت للتغيير ..

افتحوا أعينكم الآن على هذه الحقائق ..