• Monday, 23 December 2024
logo

وطن لهم، ولنا......صبحي ساليي

وطن لهم، ولنا......صبحي ساليي
رغم ممارسة كل أنواع الجرائم الوحشية ضد الكورد، سقط الطاغية البعثي، وتم إقرار دستور يلبي جزءا من حقوقنا، فاستبشرنا خيرا بالوصول الى نقطة قد تكون مفصلية لتحول الافكار المعادية ضدنا، ولكن صدمتنا بحكومتي المالكي ومن سبقها، وغض النظر عن الممارسات البعثية السابقة، والاستمرار في الخديعة والمؤامرة بأساليب مختلفة عن السابقات في الشكل ومشابهة لها، أو متفوقة عليها، في المضمون، فضلا عن خرق الدستور، بعثت إلينا رسائل خطيرة جسدت خيبة الامل والشعور الحقيقي بالغبن والتهميش وإستحالة الشراكة، وجعلتنا أكثر نفورا من كيان إسمه العراق، وبالتالي أكثر تقبلا لدعوات ممارسة حق تقرير المصير والإنفصال.

أما التعاطف المشكور للبعض معنا، وتأييدهم لقضايانا وحقوقنا العادلة والدستورية، والذي يتحدث عنها الكثيرون، فإنه لايوازي قطعا سكوت البعض الاخر تجاه الممارسات الخاطئة الموجهة ضدنا، أو الهجمات الظالمة التي نتعرض لها من أناس كانوا الى الامس القريب رفاقا بين صفوف البعث أو كانوا هاربين من جوره ويحتمون في خنادقنا ونعتبرهم من الاخوة، و بحساب الفرق بين من يدينوننا بشتى التهم الباطلة وبين الذين يؤيدوننا، نرى أن الاولين هم الاكثرية.

العاقل لا يحتاج إلى برهان لتأكيد انحراف الفئات التي انتشرت ونشرت معها الخراب والدمار، لأن كل مشاهد الكوارث توضح أن الفكر الذي يقف خلف تخطيط وتنفيذ تلك الممارسات هو فكرمريض غير سوي، يتلذذ بممارسة التفرقة المجردة من روح التعايش والتصالح، والبعيدة كل البعد عن سماحة الأديان السماوية والقيم والمثل الاخلاقية، وهذه الممارسات تؤكد إستحالة الركون إلى كلامهم أو وعودهم، أو الاطمئنان اليهم والتفاوض معهم.

في العراق اناس إنتهازيون ومنتفعون ومصفقون ومهللون، يقلبون الحقائق ويحاولون إعادة الزمن والتاريخ الى الوراء، ومسح الذاكرة وكل ما في القلوب والعقول بسجالات لا تنتهي وفواجع مريره، ويضيعون الحقوق، ويعتبروننا إنفصاليين وإن لم ننفصل.

ومن المفارقات المضحكة المبكية، أن الذين غدروا بنا وما زالوا يغدرون يهاجمون الاستعمار ويلعنون الحدود المصطنعة بين الشعوب، والأوضاع التي يعيشونها، عدا ما يتعلق بالشعب الكوردي والحدود المرسومة من قبل سايكس وبيكو التي اخضعت أرض كوردستان لدول الشرق الاوسط، إذ ما يزالون يتجاهلون الواقع الجغرافي المصطنع الذي يعيشه العرب والكورد معا في دولة تسمى العراق، ولا يعرفون أن النهج الحضاري المتطور ومبادىء حقوق الانسان تعمل على منح الجميع حقوقهم بما فيها الاتحاد الاخياري أو الانفصال واعلان الدول بشكل سلس وسلمي عبر التفاهم والحوار، كما إنهم يغضون الطرف تجاه المؤشرات السياسية والدبلوماسية والامنية والاقتصادية التي تشير الى قرب موعد تحقيق الحلم الكوردي المنشود في إقامة دولة كوردستانية، ويزعمون أنهم مستعدون لإطلاق المبادرات والحلول مقابل الحفاظ على وحدة بلد لم يكن في يوم من الايام موحدا، ويفكرون بطرق بدائية تدور داخل دائرة الامثال الشعبية عن الوطن الواحد والشعب الواحد، ويعتبرون الحدود أمرا مقدسا لايمكن المساس به، وهدفهم غير المعلن هو (فقط) منع الكورد من نيل حقهم المشروع .

فهل نصدقهم وننسى ما فعلوا وما يفعلون، ونكذب الواقع والاثباتات والوثائق، ونتماشى مع مفهومهم التقليدي للشراكة، ونعيش معهم في كيان إسمه الوطن (لهم)، ونحن لم نلمس فيه ما يدل على أنه وطن (لنا)؟
Top