لتنسحب البيشمركة من كوباني ......سالم سعدي
إذا نظرت للامر من هذا الجانب فقط، فإن كثيرا من الشعر سيقال، لكن الانسان الذكي لا يرى هذا الجانب فحسب ولا يكتفي بالرومانسية والتفاؤل، جميعننا رأينا أوجه عاقبة هذا التقارب في سنجار، وكما يبدو فإن المسألة لا تقف في حدود التعاون العسكري ضد عدو مشترك، فالـ(PKK) في هذا الامر المشترك بحث عن منطقة نفوذ.
من حق عامة الناس التمتع بخيال شاعري عند التفكير في وحدة اراضي كوردستان وحق المصير، لكن السياسة تريد رجالا واقعيين، تريد من يمكنهم رؤية الامور بشكل واضح ومن دون رتوش، فالمسألة لا تعني مواجهتنا جميعا لعدو واحد وبعد ازالته نقوم بازالة الحدود ونقيم دولة كبيرة من حدود خليج فارس حتى البحر الابيض من دون اختيار رئيس لنا، لا أحد يؤمن بهذا الامر الخيالي.
وتحدثت في مقال آخر عن أنه يجب أن يكون الطريق إلى حل المشاكل لكل جزء من كوردستان منفصلا ومن دون التدخل من الكورد في الاجزاء الاخرى، وبحسب الشروط السياسية الداخلية والاقليمية الخاصة بتلك الدولة التي يتم النضال فيها، فأجزاء كوردستان هذه ستعيش معا إلى الابد جنبا إلى جنب وليس معا.
وإذا توافرت الشروط والفرص لأن يصبح الكورد أصحاب دولة، فإنهم في أفضل الحالات سيصبحون أصحاب عدة دول، فكوردستان لم تكن أبدا دولة في هذه الخريطة الخيالية من الخليج الفارسي حتى البحر الاحمر كي نحاول توحيدها فهذه الاجزاء انفصلت عن بعضها على مدى تاريخ طويل، وبينها عالم من الاختلافات ولا توجد أي قوة يمكنها وضعها في اطار سياسي واحد، فعدا اتحاد الالمانيتين أي نموذج ناجح رأينا على مر التاريخ؟، ولعل نتائج اتحاد اليمن واضحة.
كلنا نعلم كيف فشل اتحاد مصر وسوريا، وإذا كان الاتحاد سهلا لكانت 22 دولة عربية اتحدت من خلال النقاط المشتركة بينها، ولرفعت الكوريتان خط النار بينهما والذي شهد حربا في مطلع الخمسينيات استمرت ثلاثة أعوام، كلنا نعرف هذه الحقائق لكن من الناحية العملية هناك أحزاب تتصرف عكس هذه الحقائق، والنخبة الكوردية لا تتجرأ القول علانية إن هذه التصرفات تدخل في باب التدخل في شؤون الارض الموحدة، هذه النخبة مازالت تشدو بشعارات القومية الواحدة والوطن الواحد، مثل التيار الوطني العربي الذي يعيش بهذا الخيال ويبغي ازالة الحدود بين الدول، فيما هي تقوى يوما بعد يوم.
والآن لا يوجد مجال أمام الاحزاب السياسية الكوردية في كوردستان، خاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والـ(PKK) سوى الاصلاح بهدف واضح ومعلن، الحزب الديمقراطي الكوردستاني عرف بتهديداته في بغداد بالانفصال وإذا كان يريد توحيد هذه الاجزاء الاربعة فإن عليه أن يعلم من الآن أنه يتبع قبعة ذهبت أدراج الريح، وإذا لم يكن لديه هذا الخيال فيجب أن يوضح ما هو هدفه من الخطوات نحو الكورد في شمالي وغربي كوردستان، والـ(PKK) ايضا يريد تقليص حجم الاستقلال الذاتي لكورد الجنوب، وأسماه "الادارة الذاتية الديمقراطية"، ما كل هذه الجدليات في الاجزاء الاربعة؟.
الذين لا يريدون سوى مزيد من السلطات لبلديات الشمال، بأي منطق يحددون ما يطلبه الكورد في الاجزاء الاخرى؟، يستوجب سؤالهم، فهم تخلوا عن تحقيق حلم الدولة الكوردية الكبيرة، لماذا يفرضون طريقتهم في حل المشاكل على الكورد في الاجزاء الاخرى؟، في الوقت الذي يعد من المحال أن يسير جزأين من كوردستان في طريق واحد للوصول إلى نوع من الاستقلال، هذا التوسع الذي أساسه فراغ أصبح الآن مصدر تهديدات حقيقية للكورد، وخاصة في غربي كوردستان واقليم كوردستان، الـ(PKK) في الوقت الذي مازال اسمه ضمن لائحة المنظمات الارهابية؛ يلعب هذه اللعبة مع جهة يعتبرها المجتمع الدولي أكثر جهة فاعلية ومؤثرة في القتال ضد الارهاب.
وهنا اذكر بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والـ(PKK) هما هيأتان مختلفتان، فالحزب الديمقراطي الكوردستاني هو الجهة الرئيسية الحاكمة في اقليم كوردستان المعترف به ضمن اطار دستوري وعقدت العديد من الشركات والقنصليات والممثليات الدولية مصالح مع الـ(KDP)، شمالي كوردستان سيرضخ للمصاعب حتى خمسين عاما اخرى جراء العراقيل والتثاقل الذي زرعه الـ(PKK) في اقليم كوردستان، لذا من الافضل أن يضيع طاقته، ويقلل الـ(PKK) من ذرائعه في التدخل في شؤون اقليم كوردستان، وأن يدع الجانبان الكورد في غربي كوردستان لكي يجدوا طريق حل خاصا بهم، وأن يتم سحب قوة البيشمركة المرسلة إلى كوباني فور انتهاء المخاطر التي تحدق بالمدينة.
لقد آن الاوان ليجتمع الكورد في الاجزاء الاربعة، وأن يوقعوا على تعهد يقضي بتحريم التدخل في شؤون أحدهم الآخر.
RUDAW