• Monday, 23 December 2024
logo

بيئتنا منذ الصغر .......عمر المنصوري

بيئتنا منذ الصغر .......عمر المنصوري
ليس بالإمكان تحقيق عالم بيئي سليم معافى من مخاطر التلوث وصور الرعب للتغيرات المناخية القادمة التي تحيط بأرضنا وسمائنا ونتخطى ذلك كله بالقفز الى الحلول السريعة دون الاهتمام بنشر الوعي البيئي لدى الاطفال. ان لم نهتم بقضايا البيئة في الماضي فمن المؤكد انها ستهتم بنا كثيرا حاليا ولأجيالنا في المستقبل.

نحن جميعا مسؤولون عن انبعاث الكربون الى المحيط الجوي بواسطة الغازات المنبعثة من السيارات والمصانع والطائرات وايضا استخدامنا للكهرباء والتدفئة والتبريد وهذا ما نسميه بظاهرة الاحتباس الحراري والتي تعمل على دمار الأرض.

معضلات البيئة تطاردنا بشكل يومي رضينا او لم نرض, وجميع جوانب الحياة التي تحيطنا صارت معرضة للتلوث ( السيارة والمنزل والمكتب وفي الشارع وحتى الحدائق) . يوما بعد اخر الملوثات تزداد وناقوس الخطر بدأ يدق باب بيتك. بالأمس كنت مخيرا ان توقف التلوث بيدك لكنك اليوم مجبر لتفعل شيئا ما.

لذا من المهم توجيه المعرفة والتوعية البيئية لاطفالنا وشبابنا وعلى سبيل المثال نبين لهم حقيقة الفائدة الكبيرة لزراعة شجرة نخيل واحدة, أولا: أنها تمتص أكثر من نصف طن من غازات الدفيئة الضارة على مدى عمر الشجرة. ثانيا: توفر ما يكفي من الاوكسجين لاربعة أشخاص في كل يوم. ثالثا: الشجرة الواحدة توفر ما يعادل تبريد عشر غرف بمكيفات الهواء بمعدل تشغيل 20 ساعة يوميا. وأخيرا: توفر شجرة واحدة نحو 273 دولارا امريكيا من الفائدة البيئية في كل سنة.

بلادنا بحاجة لجيل معافى، سليم، آمن صحيا وذهنيا، لذلك يمكنك ان تحدث الفارق مع الاطفال والمراهقين فهم تواقون للمساهمة في حماية البيئة وإنقاذها لكنهم بحاجة للنصح والتعليم وزيادة التوعية. أيضا لازال بإمكانك تنشئة أجيال المستقبل مع بيئة انظف واكثر امانا لحياتهم وصحتهم. اخطاء عديدة ارتكبناها بالامس وكانت لنا عادات واصبحت لاطفالنا اليوم تسليات، منها طريقة تصرف اولادنا مع النفايات بعد خروجهم لرحلة مع العائلة او المدرسة وكأن الامر لا يعنيهم برمي نفايات الاطعمة والمعلبات بالحدائق والطرقات والمتنزهات.

صحيح خسرنا الوقت الكثير لكننا ما زلنا نملك بعض الوقت للعودة من جديد بما نقدمه لطفل اليوم (وهو رجل المستقبل). سلوكيات اطفالنا تحتاج لبعض الوقت نخصصه لهم يوميا فهم اكثر من يحتاج لفهم مصطلحين هما معنى التلوث من جهة وكيفية الحفاظ على البيئة من جهة اخرى.

دور الاسرة بتوعية الاولاد بقضايا التلوث مهم جدا, فخلق اسرة بيئية واعية او مهتمة بحماية المنزل والشارع والمدرسة يعني اننا كسبنا مجتمعا واعيا. ومن المؤسف حقا ان نجد بعض الاباء والامهات لا يهتمون بمشاكل البيئة بل ولا يعيروها اي أهمية تجاه سلوكيات اطفالهم الخاطئة كما يحصل كثيرا في مجتمعاتنا عندما نرى الاطفال يتسابقون برمي الاشجار بالحجر او قلع بعض اغصان الشجر او حرقها بحجة التسلية واللعب ولطالما يحدث ذلك في الحدائق والمتنزهات في المناطق السكنية ما يترك انطباعا سيئا لدى الطفل منذ نشأته تجاه علاقته مع البيئة بل العكس قد ينمي فيه روح التجاهل واللامبالاة وعدم المسؤولية في المستقبل.

أطفالنا لبنة المستقبل والوجه المشرق لأوطاننا, ليس من المعقول ان نجعل سلوكياتهم تجاه كل ما يجعل بلادنا خضراء على قدر من اللامسؤولية. وليس من المعقول ايضا ان ننتظر من اطفالنا سلوكا بيئيا سليما بعيدا عن دور اولياء الأمور، لذا يجب ان يكون سلوكنا جماعيا تجاه البيئة وغرس المفاهيم العلمية في عقول أولادنا. بل من المهم أن تنطلق التربية البيئية للطفل من تعليمه لدور مؤسسات الحكومة في نشاطها لجعل بلدنا اجمل وانظف وايضا تشجيع اولادنا على أهمية المشاركة بالنشاطات المدرسية التي تتضمن فعاليات تشجع الحفاظ على البيئة.

لابد للتربية البيئية ان تتضمن سلوكا صديقا للبيئة وقد يتضمن ذلك تنمية المطالعة لدى الاطفال وتشجيع قابلياتهم في الرسم او النحت او الكتابة في القضايا البيئية, ولربما يساهم ذلك بزيادة حب الطفل للبيئة ومحاولته للتعبير بما يملك من موهبة تربي فيه اهمية المحافظة على بيئته سليمة سواء في بيته او مدرسته او الحي الذي يسكنه. وهنا يأتي ايضا دور اولياء الامور باصطحاب اولادهم لأي نشاط بيئي يقام او زيارة إحدى المحميات الطبيعية او حضور فعالية مهتمة يقضايا المناخ والتلوث, ذلك بالطبع سينمي في الطفل حبه ومساهمته الفاعلة مستقبلا بحماية البيئة.

هذا يقودنا الى جملة امور يجب عدم اغفالها عند التعامل بالسلوك البيئي مع الطفل تتضمن الاهتمام بنظافته في المنزل او المدرسة الى جانب أهمية وضع القمامة في اماكنها المخصصة, كما تشرح لطفلك ان أطفالا آخرين في بلدان افريقية وغيرها لا تتوفر لديهم مياه الشرب فعليه أن لا يسرف بالمياه عند استعماله فرشاة الاسنان او خلال الاستحمام, وايضا ترشده لاطفاء اي مصباح حال مغادرته غرفته, او تعلمه الحرص بالتقاط اي قمامة يراها في منطقته سواء كانت علب الكرتون او الزجاج او البلاستيك او الورق، فذلك بالتأكيد سوف يشجع أقرانه على العناية والاهتمام بمنع التلوث.

التربية البيئية المبكرة تعد أفضل وسيلة لرفع مستوى الوعي البيئي لدى الآطفال ومن المؤكد انك لا تستطيع الخروج من بيتك وتقوم بتنظيف العالم من الملوثات او تحاول ان تضع قوانين للحد من انبعاثات الكربون المسبب الرئيس للاحترار العالمي ولكنك بالتأكيد تستطيع فعل الكثير والكثير من الامور, ويجب ان تتذكر ان طفلك اليوم هو الشخص البالغ غدا ويقع على عاتقه ان يكون محبا وصديقا للطبيعة وان يجعل من بيته ومدينته وبلده اكثر جمالا ونظافة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب و ليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الاعلامية
Top