كان عراكا لا حراكا..............صبحى ساله يى
حمل إشارات تدل الى أن الذي كان يسمونه حراكا سياسيا، كان عراكا تستخدم فيه مفاهيم مضللة كالإستحقاقات الدستورية والعددية والانتخابية، والتصريحات المتشنجة التي كانت تطلق في ذلك العراك كانت تهدف الى التصعيد عبر إثارة التمييز الطائفي والمذهبي والقومي والايديولوجي، أما العقلانيون فإنهم لاذوا بالسكوت تارةً، والانتظار بشكل مقصود أو خوفاً من مجهول تارة أخرى، والذين كانوا يسمون بالنخبة (التي برزت في غفلة من الزمن) وإلتفوا حول دولته، إما تجاهلوا مطالب المجتمع وحقوق المواطنة، أو تعاملوا معه كحشد من الجهلة الذين لا حقوق لهم ولا يملكون رغبات أو مشاعر وطنية...
والفلاسفة من (النخبة) كانوا يقولون إن الجغرافيا العراقية مسؤولة عن صناعة التناقضات والعواصف الدامية والزوابع والاعاصير، وهي من تمنع عنه الديمقراطية، و(الجغرافيا) تحارب كل ديمقراطي يريد إشاعة الديمقراطية واقامة نظام ديمقراطي، وتضعه في قائمتها السوداوية لتنتقم منه على أساسه، والسقراطيون كانوا يقولون إن العراقيين بدائيون متخلفون لا يستحقون الحياة الحرة الكريمة السعيدة، ولا ينفع معهم الا الدكتاتور، لذلك صنعوا دكتاتورا بمواصفات محددة، وكانوا يقولون إن تجارب الشعوب المتقدمة لا تنطبق على العراقيين، وهم بحاجة الى مئات السنين ليتعلموا الافكار الواقعية والأسس الديمقراطية وحتى المعايير الإنسانية الحديثة، لذلك حاربوهم، وتحاربوا فيما بينهم، وذبحوا الولاءات الوطنية، وقتلوا أو هجروا أصحاب الفكر والكفاءة والباحثين عن المعرفة والثقافة، والأنكى من ذلك هو أن قسما آخرا من هؤلاء الذين كانوا يسمون بالنخبة قالوا: إن العراقيين ارتكبوا آثام البشرية كلها، وهم بحاجة الى جلد الذات أوالقتل والتطهير للتكفير عن خطاياهم..
وبين الافكار والأقوال العجيبة لهؤلاء الشرذمة من وعاظ السلاطين وتشاؤم الاخرين وسكوت البعض، وممارسات الفضائيين، رضخ العراقيون للفوضى العارمة والفساد، وأصبحوا ضحايا لمشاريع مؤامراتية رسمت ونفذت، ودسائس ما تزال قيد التنفيذ، وتخلت الحكومة السالفة في آخر أيامها عن ثلث أراضي البلاد لجرذان وفئران وغربان الدواعش، على نحو لم يحلم به أي من أعداء العراقيين لا في اليقظة ولا في المنام، وتجلت المأساة العراقية بأوضح صورها البائسة في العراك الذي كان يدور حول كل الامور الصغيرة والكبيرة، وحول العناوين والتفسيرات الملتبسة والأغلفة السياسية المستنبطة من عناوين ومضامين خطيرة للحراك السياسي، ومن فداحة الانحدار بسبب النزوات المتقلبة وغير المنطقية، إستمرار الحاكم بأمره بمنح ما أراد من مناصب وأموال وإمتيازات لذويه ومن بمعيته من العاملين في ظله دون رقيب....
واليوم نلاحظ أن بعضا من أزلام وحاشية نوري المالكي، يحاولون إفشال تحركات الحكومة العراقية الإصلاحية وتعطيل الإتفاقية الموقعة بين إقليم كوردستان وبغداد وعرقلة تمرير الموازنة، لكي لايحسب ذلك كنجاح للحكومة الحالية برئاسة حيدر العبادي، ويعترضون على التوصل الى التفاهمات وتذليل الصعوبات ورفع التجاوزات، ويوزعون الإساءة والتشهير والاتهامات الباطلة والتهم الكيدية في كل الاتجاهات بواسطة كوادر مجيرة وشباب مأجورين يعملون في اعلام مضلل للحقائق، لذلك يمكن القول بصريح العبارة: هؤلاء مازالوا يمارسون فوضى العراك، في حين أن العراق بحاجة الى حراك...