• Monday, 23 December 2024
logo

بح الجيش في العراق... سورا للوطن؟....................صبحى ساله يى

بح الجيش في العراق... سورا للوطن؟....................صبحى ساله يى
في 14/7/1958 تغيرالنظام الملكي في العراق الى جمهوري وتغير مع ذلك الحدث شكل وطبيعة ومفهوم الحكومة العراقية وتوجهاتها وطبيعة النظام السياسي، وتسلط عدد من العسكريين على الثروة والحكم تسلطاً شاملاً معتمدين على الجيش الذي كان قد أحاط الملك المستورد من خارج الحدود

بهالة من الحصانة والعصمة حتى إعتاد الكثير من الناس على تقبيل يديه من اجل التبرك، وفي العهد الجديد إستمر في مواقفه تجاه الرئيس (بدلا من الملك)، وكلما زاد الرئيس طغياناً وإجراماً وفسوقا وجبروتا، زاد الجيش من واجبات الطاعة وتقديم الولاء له، وزاد الخطوط الحمراء حول المواطنين وسلب اراداتهم في التعبير والتغيير، وحاول بالقوة تحويل المجتمع الى قطيع متناسق ومتناغم مع رغبات وغرائز الرئيس المستبد ..
في العراق يتحمل الجيش أكبر قدر من المسؤولية في صناعة الاستبداد نتيجة لعدم فهم معاني المهنية والوطنية والانسانية بالشكل الصحيح، ونتيجة للاستبداد الفكري، ولجهل الضباط، والتجهيل المبرمج للجنود، بحيث أصبحوا يتجهون نحو قتل الإنسان الأعزل وحفر المقابر الجماعية للمعارضين او المخالفين برغبة شديدة ويعتبرونها واجباً، وأحياناً نزهة ممتعة..
الجيش ومنذ تأسيسه على يد الإنكليز حارب الكورد في فترات متعددة، ومازال السؤال يتكرر: ما الذي ربحه في حروبه غير المقدسة ضد الكورد؟. وما هي خسائره في الأرواح والأموال المحترقة في تلك الحروب؟..
الخسائر في الأرواح تزيد عن مئات الآلاف، والأموال التي غذت الحروب فإنها لاتعد ولاتحصى، فالأرقام مذهلة، وتبعات حالات الحرب مخيفة، وتداعياتها أثرت في تدميرالبنية التحتية بشكل مباشر وغير مباشر وعلى المستوى المعاشي للمواطن العراقي، أما جروحها فمازالت بعضها تنزف وتأبى الاندمال..
الجيش السابق لم يعرف طوال تأريخه، من يقاتل، وفي أي جبهات يقاوم، أساء تجاه الأهل، وتجاه الجوار، وأساء لذاته عندما قبل بصدام الهارب من صفوفه، أن يصبح قائداً عاماً له بإنقلاب عسكري، وإنحنى أمامه ضباط ذليلون يحملون الرتب العالية والنياشين المتعددة، وأساء له صدام عندما جره الى الحرب ضد إيران لثمان سنوات وعاد منها دون أن يدري هل إنتصر فيها أم هزم. وغزا الكويت، وأساء للكويتيين، وخرج منها منهزماً، ولكنه، ورغم هزيمته النكراء إستأسد على العراقيين وقام بسحق انتفاضة 1991، وإستخدم كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ضدهم وقصف المدن وقتل الأبرياء والأطفال والشيوخ والنساء، وأساء له المالكي حينما حاول اللعب به وفق رغباته السياسية والمذهبية والقومية، وفرض شروطاً ومعاييرعديدة ليجعل ولاءه المطلق لشخصه بدلا من الشعب والوطن، ومنح الرتب العالية للموالين له، وقام بتعيين المندفعين والمتهورين في المواقع المتقدمة. وحاول المالكي في عهده (معتمداً على البعثيين السابقين والشوفينيين) أن يدفع بالجيش المطيع له ضد الكورد، وبإتجاه الكارثة، دون أن يعلم إننا نعيش عصراً مختلفاً بكل المعايير، ودون أن يدرك أن الحروب في هذه الايام ودون سبب مفهوم تحرق الأخضر واليابس، وأن إضفاء المشروعية على معاداة الكورد مهمة مستحيلة على الصعيد الإنساني، والتورط في المزالق خسارة وهلاك وتعاسة..
بصريح العبارة يمكن القول أن الجيش في العراق ومنذ تأسيسه كان سوراً للملوك والرؤساء، أما اليوم (وكما أرى) هناك بوادر لظهور جيش جديد، أتمنى له أن يختلف عن السابق وأن لايمت له بأي صلة، وأن يكون ولاءه للشعب والوطن، ومرجعه الدستورالذي صوت له غالبية العراقيين، وإن يصبح سوراً حقيقياً للوطن، كي نحتفل به، ونمطره بالزهور، وندعو له في كل أيام السنة وليس في يوم واحد فقط...
Top