• Monday, 23 December 2024
logo

الخيانة الإلكترونية ..........رنده‌ صادق

الخيانة الإلكترونية ..........رنده‌ صادق
حين نسمع هذه الكلمة نرتبك "خيانة " كلمة في معناها جرح، ألم، سقطة أخلاقية، وجع ينال منا أحيانا بصمت وأحيانا أخرى يعلو بضجيجه ليبلغ مدانا، ها نحن نفتح جبهة مع أنفسنا أكبر من أن نعي من أين تأتي الهجمات وكيف نسيطرعلى مسارها ؟ وقد عرفوا الخيانة في موسوعة الأخلاق بأنها مخالفة الحق بنقض العهد في السروقال ابن عاشور: حقيقة الخيانة عمل من أؤتمن على شيء بضد ما أؤتمن لأجله، بدون علم صاحب الأمانة .

من ناحية أخرى ظهر مصطلح خيانة في السنوات الأخيرة كمصطلح خلافي وليس كمفهوم ثابت ولقد ساهمت بذلك وسائل الإعلام والبرامج الإعلامية التي تبنت قضايا أو طرحت المشكلة كوجهة نظر وليس كقيمة أخلاقية لا لبس فيها، كما أنها أصبحت مصطلحا يمكن نقاشه تبعا للظروف التي تحصل فيه.

رغم كل ذلك فإن الخيانة ظلت في أذهان العامة كأنها ترفض أن يتغير اسمها أو تتغير صفتها هي أمر مشين مهين ووصمة عار يتصم بها من اقترفها إنها شيء مغروس في الفطرة لا يمكن أبدا تغييره أو حتى تبديله، الخيانة ليست للفرد فقط بل هي قد تكون للمبدأ، للوطن أو للزمالة، كل أنواع الخيانات جارحة ومدمية تهزنا تفاجأنا وتنال من اتزاننا فهي انقلاب على قيمة اخلاقيه تعني الإخلاص لطرفي علاقة لها قوانينها الخاصه.

وقد ظهرت مؤخرا ومع تطور الحياة والإندماج بالعالم الإفتراضي وفي شبكات التواصل الإجتماعي ظاهرة الخيانة الإلكترونية والتي أصبحت حالة شبه عامة لها امتدادها حتى في أكثر المجتمعات تحفظا وانغلاقا، الأمر لا يبدو بسيطا بل بات قضية خلافية حتى شرعية فهناك من حرم غرف الدردشة واعتبرها خلوة .اذا هل هي عدوى تسري في جسد المجتمع تنمو من حرية لم نستوعب جوانبها ولا أبعادها أم هي ظاهرة بديهية ونتاج تلقائي لإجتياح وسائل التواصل عالمنا الواقعي وتحولها لتكون بديلا ومنفذا نتبنى به فكرا أكثر حرية ولا حدود لها أو مقدرة على قمع جموح لحظته؟

يبدو أن الخيانة كالفيروس الخامد في داخل السواد الأعظم ممن خاضوا غمار هذا العالم فأضعفتهم سهولة العلاقة وتطورها السريع حيث يكفي التعارف البسيط الذي يبدأ بإعجاب عام ثم ينتقل الى دردشة خاصة تسيطر عليها حالة غريبة من الانطلاق النفسي وتبدأ عملية الإستدراج لتتحدى الواقع وتحمل الفرد الى عالم متخيل قائم على الحاجة، لا أحد يمكنه الجزم أنه خارج هذا التورط والإستدراج لان بامكان الطرف الآخر أن يصطاد اللحظة لينقض على فريسته .

انا هنا لا أتكلم عن فعل ذكوري بل أيضا قد تبدأ المرأة بخوض هذه المغامرة الغير محسوبة النتائج .هل المشكلة نفسية؟ هل يعاني الجميع من تشويش عاطفي أم ان احباطات الواقع وانكساراته وعدم المقدرة على مواجهة الشريك تحت ضغط الحسابات الأسرية والمصلحة العامة تدفع بسكان عالم التواصل الإجتماعي إلى الهروب بحلم يبدو أنه قد يتحول إلى كابوس يخنق طرفي العلاقة؟

هذا الأمر لا ينعكس ايجابا على الفرد، بل هناك صراعا يدور في داخله وعملية طحن، كر وفر، خيانة وهمية قائمة على مشاعر وهمية نتاجها سلبي على كلا الطرفين والغريب في الأمر أن هذه الخيانة لا يمكن توصيفها شرعيا بالخيانة الفعلية التي وضعت شروطا تعجيزية لإثباتها.من جهة أخرى ربما الروتين والقحط العاطفي والمسؤوليات وتراكم الهموم تحمل رواد العالم الإلكتروني للتعلق بالوهم المسمى الحب الإلكتروني طبعا أنا لا أجد عذرا ولكني أوصف واقعا وقضية تحتاج مقاربة منطقية وحل قائم على سيكولوجية معينة تهتم بالدوافع والنتائج ...
Top