• Monday, 23 December 2024
logo

سوريا في الذكرى 66 ليوم حقوق الإنسان........................ نـوري بـريـمـو

سوريا في الذكرى 66 ليوم حقوق الإنسان........................ نـوري بـريـمـو
للوهلة الأولى ومن حيث الشكل قد لا نصادف أي إنسان حاكم أو محكوم، يقبل على نفسه أن يكون لاإنسانياً ومتجبِّراً ويغزو ديار الآخرين ويهضم حقوقهم وينتهك حرياتهم ويستبيح حرماتهم، لكنْ للوهلة الثانية ومن حيث المضمون

وليس الشكل نجد بأن التاريخ شهِد حكاماً وأنظمة لاإنسانية مختلفة الأشكال والألوان (سياسية، دينية، إجتماعية...)، وقد كانت بغالبيتها ظالمة ولاإنسانية وترفع السياط فوق رؤوس الإنسان، ليس هذا فحسب بل إنّ بعض المراحل شهدت طغاة طبقوا شرائع أبشع من شريعة الغابة التي يسودها مسلكية: القوي يأكل الضعيف.

وفي هذا السياق، فإنّ قلاع الظلم التي شيّدها قديماَ جنكيزخان وهولاكو وهتلر وأمثالهم من فاشيي العالم، وحملات التطهير العرقي التي إقترفها صدام وميلوزوفيتش والبشير ونظرائهم من الدكتاتوريين، وغزوات الذبح السلفي التي يرتكبها حاليا تنظيم "داعش" الإرهابي وإخوته في بلاد الكورد والشام والعراق وفي أنحاء واسعة من المعمورة، هي الشاهد الأكثر دلالة على أن القاسم المشترك بين إرهابيي هذا العصر وجبابرة تلك العصور هو قطع الأعناق والأرزاق وليس هضم الحقوق فحسب.

وبما أننا نعيش هذه الأيام الذكرى الـ (66) لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (١٠- ﮐﺎﻧﻮن اﻷول - دﻳﺴﻤﺒﺮ١٩٤٨)، ومادمنا بصدد البحث في العلاقة بين الظالمين والمظلومين في دنيانا التي قد تبقى أسيرة لمختلف الطغاة والجبابرة والإرهابيين رغم مرور الزمن وتطور الكون، فإنّ هذه المسألة تقتضي الخوض في تفاصيل الغزوات والانتهاكات التي تجري ضد إنساننا في هذه البلدان التي شاءت الأقدار أن نولد ونحيا وقد نموت فيها أو خارجها أو في تخومها والشتات، ومادامت سوريا والعراق وكوردستان بجنوبها وغربها هي ديارنا التي نحن معنيين بتحدي مصيرينا والبحث في ثنايا مايجري فيها من غزوات داعشية وأخرى شبيحَوية، فإنّ توصيف الحالة ووضع الأصبع على الجرح يبقى يشكل الهاجس الأول والأخير لجموع الضحايا في مواجهة الجلادين والإرهابيين ومن لف لفهم ووقف خلفهم.

فسوريا في ذكرى حقوق الإنسان، تكاد تخلو من أهلها بعد أن بلغ عدد شهدائها حوالي 200 ألف ضحية، والجرحى والمعوّقين والمعتقلين والمخطوفين والمنكوبين والمهجّرين واللاجئين باتوا بالملايين والحبل على الجرار، ونظام الأسد يتصرف بشكل أرعن وكأنّ أي شيئ لم يحدث، ولا يزال يحكم البلد بقبضته العسكريتارية التي أحرقت الأخضر واليابس ووسّعتْ دائرة العنف وإجتذبت مختلف الشبيحة والمجاميع الإرهابية التي غزت الديار وقسّمتها إلى جزر أمنية وإمارات تعادي بعضها البعض وترتكب الفظائع ضد المدنيين بأمر من الأسد وأسياده، وتتنافس فيما بينها على تحقيق أرقام قياسية "غينيس" في ذبح وإرهاب السوريين على الهوية (السنية والعلوية والكوردية وغيرها)، وللعلم فإنّ ما تقترفه أيادي شبيحة الأسد وإرهابيي البغدادي والجولاني والشيشاني وغيرهم من غزاة العصر، يفوق بكثير ما إقترفه نيرون وكرومر وبينوشيه وغيرهم من الحكام الذين حققوا أرقاماً قياسية في قطع رؤوس البشر في مسلخ البشرية على مدى العصور.

في حين تبقى سوريا بحاجة ماسة إلى تدخل دولي عسكري لإيقاف هذه المأساة، وهي تستحق من أهلها المزيد من ترجيح لغة العقل والحوار والتلاقي ومراكمة الحراك التوافقي الذي من شأنه إيقاف حمامات الدماء وطرد الغزاة ودحر الإرهابيين وإسقاط الأسد وإعادة المهجّرين والإتيان بسوريا جديدة ديمقراطية تعددية اتحادية تتوفر فيها حقوق كافة مكونات البلد وتتمتع غربي كوردستان وأية منطقة أخرى تشاء بـ "الفدرالية" كأفضل صيغة تضمن التعايش المشترك بين شعوبنا المتجاورة بعد مرورها بهذه الفصول والمشاهد الدموية التي تشهدها مناطق السنة والعلويين والكورد وغيرهم.
Top