• Monday, 23 December 2024
logo

صندوق التنمية الثقافية ... خطوة لإنقاذ حياة المبدعين................فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة

صندوق التنمية الثقافية ... خطوة لإنقاذ حياة المبدعين................فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة
المبدعون اشجار كريمة طوال العمر بالثمار والعطاء وغابة المبدعين لا تقل اهمية عن غابات اشجار النخيل، وفيضان انجازهم للوطن مثل مياه دجلة والفرات العامرين بالخير العميم .

وقد قلنا دائما ان المبدعين هم عنوان الوطن وعلمه المرفرف في سماء العالم للتعريف به وتعظيم شأنه بين الامم .
هذه حقيقة لا يجادل فيها عاقلان وتبعا لذلك فان الوفاء والتكريم لهم يكون متسلسلا ومتواصلا حتى الرمق الاخير وبعد الرحيل عن هذه الدنيا .
وفي العراق نصطدم يومياً بحالات العوز والفقر والمرض والموت والاعاقة وضيق ذات اليد التي يعاني منها مبدعون كثر ، فنضيع في لجّة الافكار ومقترحات اللحظة الاخيرة حول مساعدة واغاثة هذا الكاتب او الفنان او ذاك والذي كما يقول المثل الكردي ينظر بعين بصيرة الى جراحاته الغائرة الغزيرة. ويرى المناشدات تتوالى للحفاظ على حياته مما يعني احياناً كثيرة شعوره بالاهانة والاستصغار.
وها نحن امام حالة الفنانة القديرة واللامعة أمل طه الراقدة على سرير المرض ونحتار كيف نساعدها من الروتين الاداري وقلة الصلاحيات في باب الدعم في وزارة الثقافة وعدم وجود جهة متخصصة في الدولة بالصرف في هذا المضمار مما جعل حياة الكثيرين عرضة لمواقف حرجة مثل المرحومة الكبيرة اسماً وعطاءً عفيفة اسكندر وفنان العراق المبدع والمناضل فؤاد سالم والشاعر نورس حبيب والمبدع والمناضل المرحوم محمد علي الخفاجي، واخرون كثيرون من فنانين وادباء وشعراء ومفكرين، ولا ننسى ان المفكر الكبير عالم الاجتماع علي الوردي رحل وهو محروم من حقوقه كاستاذ جامعي ومنع من طبع كتبه وقوبل كل عطاؤه الفكري الذي اغنى واثرى المكتبة العراقية والعالمية والغدر من قبل النظام الدكتاتوري البائد، وكذلك العالم الجليل عبدالجبار عبدالله الذي احتفل به العالم في حين اعتقل عام 1963 على يد انقلابيي شباط.
وهكذا تدور العجلة والايام تمضي ونحن نعيش كل يوم رحيل مبدع وسقوط اخر اسير المرض والفاقة.
ولا يمكن لهذا المسلسل من المعاناة والالم ان ينتهي الا بحل حضاري اسوة بكل الدول المتقدمة في العالم، ونعني ايجاد هيكلية ادارية مرنة تساهم بها كل الاطراف وفي مقدمتها وزارة الثقافة لاسعاف هؤلاء الذين يشكلون الثروة المعنوية الاعتبارية للوطن العراقي التي تعادل في ديمومتها ومغزاها الحضاري الثروة المادية .
لقد تشكلت قبل مدة طويلة لجنة برئاستنا لاقرار صندوق التنمية الثقافية ونوقشت الفكرة في عدة اجتماعات هيئة الرأي وكان هناك اجماع على ضرورتها وآنيتها كحل لمشكلة ومعاناة المبدعين وتم فعلاً وضع صيغة مسودة لاليات عملها وتمويلها. لكن الموضوع ما زال مع الاسف معلقاً ولا نلوم احداً الا انفسنا على التأخير في الانجاز اثر تعثر وعدم انعقاد اجتماعات هيئة الرأي لمدة طويلة جداً.
اننا واثقون بأن نصل في مدة مناسبة بالتعاون مع السيد فرياد رواندزي وزير الثقافة الى صيغة لإقرار تشكيل هذا الصندوق والذي سيكون امل المثقفين للنهوض بهم واعانتهم في حالات تقدم العمر والمرض وغيرها من الحالات الانسانية.
نأمل من السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء ومجلس الوزراء التعاطي مع هذا الموضوع برحابة صدر والتعاون معنا في وزارة الثقافة لتقديم تمويل ملائم لصندوق التنمية الثقافية عند اقراره، وبذلك نكون قد قدمنا الامل لكل مبدع عراقي يعيش بكرامة ويرحل بكرامة في وطن احرقوا شموع العمر كلها من اجله.
Top