برلمان كوردستان ودستور الإقليم.............صبحى ساله يى
ولكن، بسبب تحفظ أحزاب سياسية كانت تمثل المعارضة الكوردستانية آنذاك على بعض مواد مشروع الدستور، لم يصادق عليه الرئيس بارزاني، وقبل أكثر من عام ومن اجل ضمان التوافق السياسي اعاد الرئيس مسعود بارزاني مشروع دستور اقليم كوردستان الى البرلمان الكوردستاني لاجراء بعض التعديلات على مواده الخلافية، وبعد إعلان نتائج إنتخابات 25/7/2009 فازت الاحزاب الكوردستانية الثلاثة (التغيير بخمسة وعشرين مقعد، والاتحاد الاسلامي بستة مقاعد، والجماعة الاسلامية بأربعة مقاعد من اصل 111 مقعدا من مقاعد برلمان كوردستان) وشكلت فيما بينها معارضة برلمانية، وإعترضت على طرح مسودة دستور الاقليم للاستفتاء الشعبي، وقالت إن هذا المشروع فيه ثغرات ونواقص و انه لا يلبي طموح الشعب الكوردستاني في الديمقراطية، علما ان المعارضة الديمقراطية في الاقليم طالبت ومنذ سنة 2012 رئاسة وحكومة اقليم كوردستان بإعادة مشروع دستور الاقليم الى البرلمان لاجراء بعض التعديلات عليه..
رئيس الاقليم أعاد الدستور الى البرلمان الكوردستاني من أجل مناقشته وتعديل بعض مواده واستحصال التوافق الوطني عليه، علما إن التوافق الوطني لا يعني اتفاقا مطلقا بين جميع الأطراف وجميع الإرادت والتيارات السياسية، وبالعودة الى التاريخ الذي تم فيه التصويت على الدستور في البرلمان ومقترح طرحه للإستفتاء، أي قبل أكثر من خمس سنوات والى اليوم، نرى إنه من الجائز تعديل بعض المواد، وذلك وفق إختلاف الظروف، ولكن هذا التعديل يجب أن لا يكون تجاوزا على المعايير الدولية والقانونية لإرضاء هذه الكتلة السياسية، أما بشأن محاولات البعض الرامية إلى إخضاع إرادة وقرار الأغلبية لفلسفة ورأي وتوجه الأقلية السياسية بخصوص الدستور فإنها ستصطدم حتما بالجدار الصلب للقانون، لذلك نرى ضرورة التعامل مع الدستور ضمن اطار القضايا و التحديات المحيطة بنا والتي تواجهنا كل يوم وكل ساعة، لكي يكون الدستور عقد وفاق سياسي- اقتصادي - اجتماعي – ثقافي، وعامل وئام وطني، وانسجام شعبي، يرسم طبيعة النظام السياسي وشكله، وآليات عمله، والعلاقة بين السلطات الثلاث، وينظم حريات المواطنين وحقوقهم، ويضمن حاضر ومستقبل كورستان وشعبها.
ظروفنا الحالية تقتضي وجود دستور دائم للاقليم يجسد التوافق السياسي وارادة الكوردستانيين، ويضمن حقوق وحريات المواطنين والمكونات القومية والدينية المتعايشة في الإقليم ويرسخ ويعزز مسيرة التجربة الديمقراطية، وهذا يعني أن هدف إعادة مشروع الدستور للبرلمان هو مراجعة ودراسة وتعديل البنود والمواد التي عليها خلافات وتقاطعات وتحفظات فقط، وليس لعرضه للنقاش البيزنطي والحوار المفتوح من جديد بصورة شاملة وتفصيلية..
تجربتنا الديموقراطية تدعو الى التفاؤل، وتعبّر عن الرغبة العارمة لدى الكثير من المواطنين في تجسيد المباديء الديمقراطية وتعزيز مسيرتها، وهذا التفاؤل يتطلب التوقف عنده، وادارة حوار هادىء مسؤول، حوار بعيد عن الشتنج والكسب السياسي الرخيص، حوار يتسم بالموضوعية، وبلغة تنسجم مع قيم التمدن والديمقراطية.