هل كان الاتفاق النفطي الاخير بين بغداد واربيل مكسبا لكوردستان ؟
ومن خلال تصريحات اعضاء الوفدين فان الاتفاق ينص على ضرورة ان يقوم الاقليم يوميا بتصدير 250 الف برميل نفط من حقوله المنتجة , ونقل 300 الف برميل يوميا من نفط كركوك عبر الانبوب الذي يمر عبر اراضيه الى ميناء جيهان التركي , و تقوم شركة سومو التابعة لوزارة النفط في بغداد بالاشراف الكامل على مبيعات الكميتين . بالمقابل فان المركز الزم نفسه باطلاق (نسبة) من مخصصات البيشمركة اعتمادا على النسبة السكانية ( كما صرح بذلك السيد عادل عبد المهدي وزير النفط العراقي ) .
على هذا فان الاتفاق لا يمكن اعتباره كسبا سياسيا للاقليم بقدر ما يعتبر تنازلا عن المكتسبات التي حققها طوال الاشهر السابقة في صراعه السياسي والقانوني الذي رافق معركة تصدير النفط الكوردستانية سواء مع المركز او مع الشركات العالمية وذلك للاسباب التالية : -
- خلال الاشهر الماضية من الازمة كان مسئولوا الاقليم يؤكدون دائما و من خلال تصريحاتهم رفضهم المطلق لاشراف بغداد على تصدير النفط المنتج من حقول الاقليم تحت اي ظرف , وان دور بغداد لن يتعدى العلم رسميا بالكميات المباعة ووجهتها واسعاره , ليس هذا فحسب بل ان توصيات برلمان كوردستان للوفد المفاوض مؤخرا كانت تنص على هذه الرؤية .
- ان النقاط المتفق عليها فيما يخص طرفي النزاع تنقسم الى قسمين , فهناك نقاط انية التطبيق , واخرى يمكن تسويفها والتماطل فيها ... ومن مساويء القدر السياسي الكوردي فان النقاط الموجبة التنفيذ انيا مرتبطة بالاقليم , بينما تلك المتعلقة بالمركز قابلة للتسويف والتماطل .. وهو الامر الوحيد الذي اكدت الاحداث ان المركز يبدع فيه . فكمية النفط الموجبة البيع من قبل الاقليم لا يمكن التماطل فيها حتى وان لم يوضع لها سقفا زمنيا , بينما لا يمكن الزام المركز بسقف زمني لتطبيع موضوع الميزانية ولا مستحقات البيشمركة ( حسب النسبة السكانية ) , ناهيك عن التبريرات التي يمكن لحكومة المركز اللجوء اليها للتحايل على الاتفاق , خاصة في ظل الازمة العالمية لاسعار النفط والتي تنعكس سلبا على واردات العراق وميزانيته , اضافة الى انه لم التطرق الى سقوف زمنية يتم التحرك على ضوئها , ولم يخضع الاتفاق الى اي اشراف دولي او جهات دولية ضامنة لتطبيق بنودها .
- ان القبول الرسمي باشراف بغداد على صادرات الاقليم النفطية يعطيها الحق في المطالبة بالاشراف على اية كميات مستقبلية ينتجها الاقليم , مما يمثل ثغرة دائمية لاثارة المشاكل بين الطرفين .
- طالما اننا في الاقليم قد قبلنا في النهاية باشراف بغداد على صداراتنا النفطية فلماذا دخلنا في هذه المعركة السياسية اساسا ؟ خاصة واننا لم نحصل منها على مكاسب تذكر . ان صمود الشعب الكوردي وتصديه لخطوة قطع رواتب موظفيه من قبل حكومة بغداد طوال الاشهر السابقة , رغم المعاناة الشديدة التي مر به والخسائر الاقتصادية الكبيرة التي مني بها الاقليم جراء هذا التحدي كان يجب ان يستثمر بشكل افضل .
- لم يستثمر الاقليم الازمة هذه بالشكل الذي ينبغي ان يكون عليه والمقايضة السياسية في النهاية لم تكن بالمستوى المطلوب , فحتى مخصصات البيشمركة لم تحدد بشكل واضح بل احيلت الى افتاءات النسب السكانية التي هي مثار جدل مستمر في ناقشات الميزانية في السنين السابقة , اضافة الى انها اخضعت لنظام الاقساط .
- خلال الاشهر الماضية قطع الاقليم شوطا كبيرا في صراع مرير بين حقه الدستوري في تصدير النفط وبين قانونية هذا التصدير دوليا , وصل الى ذروته في رفع المركز شكاوى قانونية ضده في محاكم اوروبية , ومع ذلك نجح الاقليم في تجاوز كل هذه العقبات , واجهضت محاولات المركز في الحيلولة دونه . ولهذا فان هذا الاتفاق يمثل تنازلا ( باصرار وترصد)عن هذا النجاح من قبل الاقليم , لا يمكنه البناء عليه بل يتحتم عليه المرور بنفس المعرقلات هذه واجتيازها مجددا في حال حدوث اي ازمة مستقبلية بين الطرفين .
- يمكن ان يعتبر البعض ان عدم خوض الاتفاق في الاشارة الى كميات انتاجية مستقبلا يصب في مصلحة الاقليم , غير ان انتاج الاقليم مستقبلا لكميات اضافية وتصديرها قد تحتاج الى مد انبوب جديد عبر اراضيه الى تركيا , فالاقليم قد الزم نفسه بتصدير 550 الف برميل يوميا من نفطه ونفط حقول كركوك عبر انبوب لا يستوعب اكثر من تلك الكمية . ناهيك عن ان مد انبوب اخر عبر كوردستان الى تركيا يحتاج ما يقارب السنة كي يكون جاهزا للتصدير من خلاله .
- ان ذكر مصطلح نفط الاقليم في الاتفاقية وفصله عن نفط كركوك , و قبول الاقليم بهذه الصيغة وتوقيعه عليه , يعتبر اقرارا رسميا من قبل الاقليم بوجود خصوصية لنفط هذه المدينة بغض النضر عن انضمامها من عدمه لاقليم كوردستان , مما يفتح بابا جديدا لازمات مستقبلية مع المركز كان من الممكن تلافيها .
رووداو