سعدي يوسف :عروبيّ آخر الزمن.. .......................فاروق حجّي مصطفى
كتبَ هذا الشاعر، الذي يعيش أيامه الأخيرة في الخارج، بعيداً عن همّ ومشاكل النّاس هنا في العراق، كلاماً لايمكن أنْ يصدرَ عن أبسط مثقّف، مثل تشبيه الكرد بـ"القردة" أو كُردستان بـ"قردستان" دون مبرر حقيقي لقوله.
تعوّد سعدي يوسف، الذي شعّ نجمهُ، فقط في زمن الايديولوجية، أنْ يهاجم الثورة السّورية وثوّارها، حيث شهدت صفحات التواصل الاجتماعي كلاما قاسياً موجّهاً إليه، لكن، سرعان ماعاد يكرّر نفس الموّال إلى درجة مقرفة، ماذا يعني إذاً تشبيه كردستان ب"قردستان" وماذا تضيف هذه الجملة للقاموس الفكريّ والثقافيّ والمعرفي ياترى؟
قبل عامٍ من الآن هاجم زوجة الرئيس العراقي السابق "هيروا أحمد"، ونشر صوراً ادّعى أنّها جالسةٌ مع إحدى الناشطات الإسرائليات، وتالياً ربط هذه الجلسة بعلاقة السّيدة الأولى وابنها المثقف والصحافي الكردي الراحل "ابراهيم احمد" مع إسرائيل.
وقبل أيّام نشر هذا الاسم، الذي لم يظهر بعد في الحراك المعرفي، مقالٌ كرّر فيه التزامه بالعروبية وغنّى لها وشبّه كردستان ب"البلد، الذي بنى تمثالين للجواهري في حدائقها في السليمانية وهولير" ب"قردستان"! الأمر الذي دفع بوزارة التربية لحذفِ قصائد وحياة سعدي يوسف من المنهاج التعليمي في الصف التاسع.
وقال خالد سليمان أحد المثقفين الكُرد في السليمانية، أنّ هناك جملة مواقف وكتابات غريبة أعلنها وكتبها سعدي يوسف، تعبّر غالبيتها عن مشكلة نفسية، يعاني منها منذ فترة طويلة، مرّةً باسم الشيوعي الأخير، ومرّةً باسم "الشعرية" في الكتابة السياسية ...الخ. كان صديقاً لــ"عبدالوهاب البيّاتي" إلى اللحظات الأخيرة في حياته في دمشق، وحين مات الأخير، كتب على عجل مقالاً في مجلّة الكرمل، حيث وصف البياتي بالبعثي، وهناك حادث يتعلّق بهذا الموقف سأرويه في وقتٍ آخر. حصل على جائزة السلطان العويّس، ولم يصرف ديناراً واحداً من المبلغ، الذي تسلّمهُ من مؤسّسة سلطان بن علي العويّس الثقافية على فقراءِ بلده، الذي يكتب عنهم باسم الشيوعي الأخير، كما لدي موقفٌ غريب آخر، يتلعق بهذا الأمر، حين طلب منه الرّاحل هادي العلوي خمسةدولارات لمنظّمة خيرية، أسّسها العلويّ في دمشق، لمساعدة العراقيين والعراقيات المحتاجين، باسم جمعيّة بغداد المشاعية عام ١٩٩٨؛ وحين رحل العلوي، كتبت يوسف عنه وأسماه بـــ "الولي" في افتتاحية مجلة المدي، التي كانت تصدر في دمشق في تلك الفترة، لكنّه رفض التبرع بــ(٥) دولار لجمعية بغداد المشاعية.
بقي أنْ نقول: أنّه ثمّة مثقفين في آخر عمرهم، يسعون لكي يتركوا بصمة بيضاء، وهناك من لا يقف حتى تزول كل النقاط البيضاء في صفحاتهم، وأنّ هذا أيضا طبعٌ وسلوك، لا بد أنْ يكون حتى يكتمل المشهد الحقيقي!