• Monday, 23 December 2024
logo

شعب كوردستان يقول: إذا أتتك مذمّتنا من ناقص، فهي الشهادة لنا بأنّنا كامل..............سيروان انور مجيد

شعب كوردستان يقول: إذا أتتك مذمّتنا من ناقص، فهي الشهادة لنا بأنّنا كامل..............سيروان انور مجيد
إنّ الشعب الكوردي هو الشعب الوحيد ذا النسمة الأضخم في العالم لا يملك أبسط حقوق في امتلاك دولة مستقلة على وجه الأرض قاطبة، في حين أنّ هناك شعوب وأقوام لا تتعدى نسبتهم السكانية أكثر من 41 ألف نسمة يتنعمون بدولتهم، وإنّ من كان له أبجديات المعرفة بسير التاريخ على مرّ الأزمنة والعصور لرأى شهامة الكورد
ودون أي كثير تعب؛ سيّما في فنون الإخاء والتواضع والتسامح وتقبل الآخر، فهذه الأدبيات تزدهر عندهم يوماً بعد يوم، رغم تهجيرهم وترحيلهم وإبادتهم، بل وطمسهم في رابعة الوجود من قبل الأنظمة المستبدة في المنطقة. ولكن مع هذا كان ردّ الكوردي جميلاً، وذا دهشة عالمية بمرور تاريخهم النضالي، ولعلّ استقبالهم الأخير لأكثر من مليوني مهجر من عرب العراق في الوسط والجنوب خير بيان لمرأى العالمي، رغم أنّ من هؤلاء المهجّرين، اليوم، وفي عاصمة كوردستان يأكلون اللبن الأربيلي ويشربون شايها في مقاهي هذه المدينة، ولكأنّ المدينة هم أصحابها عن بكرة أبيها! ينكرون كل جميل إذا ما سنح لهم أبسط الحريّات. والأكثر من هذا، أنّ البعض من هؤلاء في وقت التبعيث والترحيل والتعريب والأنفال والحلبجة، يضحكون على هذا الشعب المسالم، مشاطرين النظام علناً ولو بأضعف الإيمان، بل وحتى الآن أنّ البعض منهم أجسادهم في كوردستان وقلوبهم تطوق لداعش، ولا يبخلون في إبداء أي تسهيلات لهم إن وجدوا في ذلك سبيلاً...! أمّا قلوبهم لصدام حسين، ذلك الدكتاتور الذي أراد إجهاض الصوت الكوردي في بادرة الوجود فحدّث عنها ولا حرج...!
ومن هنا، فقبل أيّام وصف (سعدي يوسف) الشاعر العربي المشهور في الساحة العراقية والعربية الشعب الكوردي بالقردة، ويصف كوردستان بقردستان، ولقد ظنّ الشعب الكوردي أنّه أكرم الكريم فيتكرّم، لأنّه تنعّم الشاعر بأمان مدن كوردستان وقت فراره من النظام السابق؛ فضلاً عن تكريمه وتبجيله، بل وواصل نضاله الشيوعي في كوردستان، ووقتها تزّلّف على شاكلة شوفيني اليوم للشعب الكوردي وبكى عن الحلبجة والأنفال...!
وحبّذا قبل تنظيم هذه القصيدة لو رأى نفسه في المرآة لبرهة فحينها تيقن من قردية صورته الظاهرية ولم يتجرّأ على شعب يتسم بأوج الجمال الخلقي والخلقي أن يتّسمه بسمته...! ولكن هؤلاء سرعان ما ينسون أنفسهم، فرئيس الوزراء العراقي السابق ترعرع في أمان أربيل وحصل على الشهادات العليا ثم كان إحسانه للشعب الكوردي قطع الرواتب، واللعب بقوت المساكين.
وأنّ الأغرب من صفاء قلب هذا الشعب، كان البعض وقتها من مثقفي كوردستان طالبوا بأن يسمّى شارع من عاصمتها باسم هذا الشاعر بعد أن دخل في مناهجهم وصوّر كإنسان قومي بطولي، ولكن أنّ سعدي الأمس الآن يصف كوردستان بقردستان، يصف أحفاد صلاح الدّين بالقرد، وذلك من خلال قصيدة ملغومة بعنوان "ما معنى أن تکون اللغة العربية ممنوعة في إمارة قردستان عیراق البارزانية بأربيل"، ونحن نقول له لقد صدق المتنبي حينما قال لأمثالك : ان أكرمت الكريم تكرّما وان اكرمت اللئيم تمرّدا، كما وأنّ شهادتك لنا بهذا يدل على أننا في أوج الكمال...
نعم، فإنّ شعراء الكورد قد غنّوا لفلسطين ولحركة التحرّرية العربية، وجسّدوا بطولاتهم، بل ودرّست في مدارس كوردستان، وحينما يدخلون في السنّ ما يزيد شعراؤنا إلا لغة التقبل والتسامح والتعايش إلّا أنّ أمثال سعدي ودرويش، وأمثالهم من الشوفينيّين في المنطقة حينما يطعنون في السن يسارعون في الوصول إلى العصبية والوضاعة والخرافة ونكران الجميل...!
وفي خاتمة المقال، نقول:
إنّ أدبيات الكورد ملؤها التسامح والتعايش والإخاء وبناء دولة المؤسسات في المنطقة، فهذه الأدبيات صفائها تبقى كماء النهر الجاري لا تلوّث...! إذ أنها لا تزيل بالأفكار الشوفينية ولا الدواعشية، وإنّما تبقى شامخة في الحيوية والتجدّد والعطاء مع العرب المنصفين وذوي الآراء الراجحة، ولكن يستحسن من خلال معطيات هذه العقول إعادة الأوراق في كوردستان حال التعامل مع تلك العقليات، وعدم تأليههم إذا ما غنّوا وقت هوانهم، لأنّ طينة الشوفينية منقوشة فيهم كنقش الحجر، فلا مجاملاتهم ولا مسبّاتهم يسمن ويغني لنا من فرح، ويقول الصوت الكوردي مجتمعة لهؤلاء العقول: إذا أتتك مذمتنا من ناقص فهي الشهادة لنا بأننا كامل.
Top