وقاحة لصوص!...................................محمد واني
ودخلت بذرائع مختلفة، منها من دخلت بحجة المحافظة على تجربته الديمقراطية الوليدة من الأخطار الخارجية والداخلية ومنها من رسخت أقدامها فيه بحجة الدفاع عن المذهب والطائفة والأماكن المقدسة من هجمات الإرهاب والإرهابيين ومنها من دخلت تحت عباءة «التحالف الدولي» لطرد ودحر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الإرهابي وشن حرب استنزافية عليه، وقد تستغرق وقتا طويلا بحسب وزير الدفاع الأمريكي، وذلك لكي يبقى العراق في دوامة من القلق واللااستقرار وبحاجة دائمة إلى مساعدات التحالف الذي تقوده أمريكا.. ومنها من دخلت عن طريق الاستثمارات والعلاقات التجارية والشركات النفطية والمؤسسات الوهمية، بتغطية ودعم مباشرين من القادمون من الخارج التي حكمت البلاد بعد سقوط النظام البائد عام 2003، لنهب وسلب ثروات العراق وميزانيته الضخمة التي تعدت 174 مليار دولار في بعض الأوقات!.
وبلغ الفساد أوجه عندما كشف رئيس الوزراء الحالي «حيدر العبادي» عن السرقة الكبرى التي جرت في وزارتي «الداخلية والدفاع» في حكومة المالكي وتقدر قيمتها بمئة مليار دولار!.. وقد قال «العبادي» في هذه الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي ترأسها إنّ «عمليّة إبرام العقود والمناقصات مع الشركات المجهّزة للوزارات الأمنية وجهازي الأمن الوطني والمخابرات، لم تخضع لضوابط قانونية واضحة، ورافقت غالبيتها شبهات فساد واضحة».. وعندما أراد الرجل - أي العبادي - أن يضبط الأمور المنفلتة عن عقالها قليلا ويجري التحقيق مع بعض المتورطين بقضية كشف المتفجرات الفاشلة التي صرفت عليها الدولة ملايين الدولارات في وزارة الداخلية، جاءه الرد سريعا من قبل المالكي بعدم المساس به بحجة وجود اتفاق مسبق بينه وبين العبادي عند تشكيل وزارته يقضي بعدم ملاحقة 25 شخصية مقربة منه قضائيا وعدم توجيه أي تهمة لهم ــ مهما كانت ــ مقابل انسحابه من رئاسة الوزراء !!.. والعجيب أن «العبادي» رضخ لطلب «المالكي» وطوى القضية وكأن شيئا لم يكن! واللصوص ما زالوا يسرحون ويمرحون ويتنعمون بالأموال التي سرقوها.. فإذا كان هذا المبلغ الخرافي قد تمت سرقته من وزارتين فقط فما بالك بالوزارات والمؤسسات الأخرى؟! ففي تصريحات أدلى بها القادة الجدد أنفسهم، أن 800 مليار دولار دخلت خزينة الدولة منذ عام 2004 ولغاية عام 2013! ولم يصرف منها إلا أقل من ربع المبلغ على المشاريع الاستثمارية والخدمية، فأين ذهبت باقي الأموال؟! طبعا في جيوب اللصوص والفاسدين.. وهناك حديث عن سحب أعضاء في حكومة المالكي أموال طائلة من البنك المركزي بدون علم البرلمان والحكومة!
وربما يكون قد سحبها لمساعدة نظام بشار الأسد الطائفي في حربه ضد شعبه كما اعتاد على ذلك منذ اندلاع الثورة الشعبية عام 2011.. وإذا كان «حيدر العبادي» يعد اليوم بإصلاح الأوضاع والقضاء على الفساد والمفسدين، فإنه لم يتقدم بخطوة تذكر منذ توليه الحكم في هذا المجال، مجرد كلام لم يدخل في حيز التنفيذ، وفي عهده صرف أكثر من مليار دولار من خزينة الدولة الخاوية على عروشها أصلا على المليونين و500 ألف متطوع من «الحشد الشعبي» أو المليشيات الشيعية التي تحارب تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» للدفاع عن الحكم الشيعي في البلاد، ولم يكد وزير المالية «هوشيارزيباري» يصرح بهذه الحقيقة لوسائل الإعلام، حتى وقف الشيعة بكل شرائحهم الشعبية والسياسية والدينية وقنواتهم الإعلامية ضده وأقاموا عليه الدنيا ولم يقعدوها، ونعتوه بشتى الأوصاف البذيئة، على الرغم من أن الوزير لم يخطئ ولم يفتر عليهم، بل أظهر الحقيقة للحكومة وللرأي العام لاتخاذ التدابير اللازمة، وهو من صميم عمله كوزير للمالية.
كلمة أخيرة:
كما نختلف نحن العراقيين عن باقي شعوب العالم من حيث تكويناتنا الثقافية والنفسية والسياسية ولا نشبه أحدا من العالمين، لصوصنا أيضا يختلفون عنهم، فكمية الوقاحة التي لديهم تفوق كل الكميات التي لدى الآخرين، فقد اعترف أحد لصوصنا الكبار لإحدى وسائل الإعلام بكل فخر أنه فعلا لص بعد أن اتهمته بسرقة أموال الشعب وقال «نعم .. نصف ثروتي وأموالي من السرقة مثل كل السياسيين العراقيين، لكن أنا لم أقتل نفسا حرم الله قتلها في العراق!» ألم أقل وقاحتنا تختلف عن وقاحة الآخرين؟!!