المرأة الكوردية في كوباني .. على خطوط النار وعلى خطوط القلب...............فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة
انها فاتحة عصر جديد للمرأة, هكذا تؤكد التقارير الدولية عبر فضائيات العالم وهي ترى هذه الدراما الحقيقية تدور على الارض في لحظة قلما مرت بمنطقة الشرق الاوسط التي مازالت تحتفظ بأرشيف غاية في السذاجة والتخلف والتقادم حول دور المرأة وقدرتها الخارقة على الانجاز والتحدي وتجاوز المحن وفتح نوافذ الامل لشعب توقه الى الحرية بلا ضفاف.
في (كوباني) نموذج جديد لإمرأة عاشقة بكل معنى الكلمة للارض وللانسان فهي لم تعد بحاجة لشاعر يتغزل بها او يستميلها او يجعلها ملهمته في الشعر والخواطر بل تتجاوز كل هذه الاطر الضيقة لتكون سيدة الموقف في الميدان ولتستنفر هي في الرجال القوة الكامنة فيهم.
هي التي ترفض ان يكون الرجل قائدها ومدربها ومحرضها على القتال وحاميها من الموت والقتل، فتبادر للإمساك بهذا الدور وحيازة قصب السبق وفضل المبادرة وفضيلة التفوق على الرجل في دحر القوة الاكثر ظلاماً وعتمة في تاريخ البشرية.
ان كل اغاني الرجال واناشيدهم وكل دواوينهم الشعرية الغزلية وكل رواياتهم وحكاياتهم ومروياتهم التي تموج اعجاباً بالمرأة لاتكفي لرواية دقائق وتفاصيل القصة النسوية البطولية التي تدور احداثها في شوارع (كوباني) لانها بحق قصة من نوع جديد، بعيدة عن المبالغة والغيبية والزعم والادعاء، لأنها ببساطة حقيقية وواقعية تدور على الارض وترسم صورة اخرى مغايرة كليا لصورة المرأة في عصر الحريم والجواري والحرمان والخضوع المستكين للرجل.
يقف العالم منبهرا بإمرأة قلبها يتسع لكل اوجاع الناس وآلامهم وآمالهم، فنجدها واقفة على خطوط النار الاولى مثلما هي على خطوط القلب ترسم قصة حب لاهبة، فتصبح ملهمة البطولة والمقاومة والصمود مثلما هي ملهمة العشق والرغبة اللانهائية للحياة والفرح.
ويسقط ويتهاوى (داعش) مثل اوراق الخريف الصفراء امام انوثة حديدية لاتقهر، انوثة اجبرت اخيراً المجتمع الدولي على التدخل المباشر في المعركة يوم (20/10/2014) ايذاناً بان العالم كله في صف واحد الى جانب مقاتلات رسمن عصراً جديداً للمرأة وسيدخلن التاريخ باسقات عامرات بالثمر مثل اشجار كوردستان، ومكتنزات بالروائح الزكية مثل نرجس هذه البقعة التي تأبى الا ان تربط بين الحب والمقاومة ربطاً لا فكاك له، فلا مقاومة بلا حب للأرض، ولا حب يحفر اثره في القلب والعقل والارض ان لم يكن قادرا على مقاومة وحوش قدموا لتدمير قيم الجمال والالفة والمحبة.
انها دعوة لكل رجال العالم للإنحناء اجلالاً للمقاتلات في (كوباني) وهنّ يدخلن القلوب من اوسع ابوابها ويحترقن على خطوط الجبهات الامامية لكتابة فصل جديد كلياً لريادة المرأة في السياسة والادارة والقتال ولكن ايضا في الحب الاخضر وفي مضاعفة غابات الاشجار الباسقة في صحراء حياتنا وتمزيق وريقات التاريخ الصفراء المتآكلة التي تزعم ضعف المرأة..
أليست المرأة الكوردية في شوارع (كوباني) ابلغ دليل على هزال هذا المنطق؟