الشراكة المستحيلة.....................صبحى ساله يى
الجميع يقولون(علنا) إنهم يريدون المشاركة وإشراك الآخرين في السلطة والقرار، وكلهم يعرفون أن الوضع اللامستقر في العراق وغيرالآمن، هو نتيجة حقيقية لتصرفات سلبية سلطوية تجاه المشاركين، وعدم إعتبارهم حقيقيين، والمتسلط في العراق(أيا كان) منذ نشوء الدولة (وحده) يصنف الناس الى وطنيين وخونة، وأخيار وأشرار، ويقطع خيوط الحوار ليفرض الحلول الجاهزة وآراءه المتقولبة والمتقلبة، رغم ذلك كان هنالك على الدوام(كما هو الآن) أصوات تدعو للتأني وتشير الى المعضلات وتفضح هول الجرائم، أصوات لا تبح أمام الصرخات والخوف والرعب والدم المسال.
الآن نلاحظ أن التحركات السياسية واللقاءات بين الأطراف المتشاركة في الظاهر (المشتركة في البرلمان والحكومة العراقية) وغير المتشاركة في الواقع، تتجه نحو ذات الحالات السابقة وهي إيجاد حلول سياسية ترقيعية مؤقتة ومخدرة لا تليها سوى الأسوأ، وحتى في حالات الحديث عن جرائم سبايكر وسنجاروجامع مصعب بن عمير، إما يحاولون نسيان الجرائم السابقة التي أقترفت بحق العراقيين في عهدي نوري المالكي وصدام حسين، أويريدون وعدم ذكرها أو الاشارة إليها رغبة في عدم إزعاج (الشركاء)، ويريدون إستغلال المأساة وتوظيفها وفق طريقة مصائب قوم عند قوم فوائد، والسبب في ذلك يرجع الى أن نصف المشاركين لايرون النصف الآخر سوى خونة وأشرار، ولايحملون تجاههم سوى الاحقاد والرغبة في الثأر، وكل نصف متخم بذات المشاعر تجاه شركائه في النصف المحسوب عليه، وبقاء كل نصف محتفظا بمواقفه الثأرية الحزبية والطائفية والقومية، والإصرار على نعت الاخرين بصفات كأبناء الجن أو القردة أو الخنازير أو الكفرة، وهذه الامور وعشرات غيرها تتنافى كليا مع الشراكة في العملية السياسية، أو حتى الإيمان ببنائها والانخراط فيها، إذ لايمكن الجمع بين الكفر والايمان في شراكة تؤمن بالآخر وتوحد المواقف تجاه قيم وقناعات تعني الإعتراف بالإرث غير المشترك، وتعمل من أجل ضمان حقوق المواطن وتقلع مسببات عدم التساوي في الحقوق والواجبات.
هذا يعني أن إيجاد الحلول الدائمية والشراكة الناجحة، أمر مستعص وربما مستحيل، بين أطراف جميعها تدعي البطولة والفروسية والإخلاص والوفاء وجميعها تعتبر الآخرين مخطئين مقصرين فاشلين سواء كانوا مستقلين أم منتمين للأحزاب القومية أو الدينية، وأسبابا للمأساة والتهميش والانكماش والتراجع، والعجيب في الأمر أن لكل طرف أتباعا ومساندين ومؤيدين يصفقون لهم في الحق والباطل، ويرونهم منتصرين لايعرفون الهزيمة ولا يمكن أن يهزموا...
وأخيرا نقول: إن لم تنسلخ الأطراف المتنابزة من جلدها، وإن لم تؤمن إيمانا حقيقيا بالعملية السياسية والآليات الديمقراطية والحريات الفردية وبالمواطنة كأساس للتعامل مع الآخرين، وإن لم تبتعد عن الإعتبارات الدينية والقومية والمذهبية في تعاملاتها، وإن لم تعمل بالحكمة والعقلانية من أجل ازالة كل ما يعيق عمل الدستور، ستكون الشراكة في العراق مستحيلة..