ضبط المناخ.. نحو مسار جديد..........دانيال سي استي
ولكن إذا كان لنا في التاريخ ما يرشدنا، فليس من المرجح أن يخرج عن هذا الحوار الاستجابة المطلوبة التي نحن بحاجة إليها للتعامل مع الكثير من التهديدات التي نواجهها من التفاقم المفزع لظاهرة الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. التقى زعماء الحكومات عدة مرات خلال العقود الماضية للتصدي لظاهرة التغيرات المناخية، وآخر تلك اللقاءات كان في 2009 بالعاصمة كوبنهاغن، حينما حاولوا من خلال المفاوضات التي فشلت في «عقد اتفاق» مع التزام جديد للحد من الانبعاثات الحرارية.
بعد 5 سنوات، ونظرا لصعوبات الجغرافيا السياسية، ليس هناك الكثير مما يمكن تقديمه حيال هذا الأمر. ربما يتخذ المجتمع الدولي مسارا مغايرا قبل جولة المحادثات المقبلة، والمقرر أن تعقد في باريس في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015.
أعتقد أناس أذكياء في القرن العشرين أننا يمكننا التعامل مع التغيرات المناخية من خلال معاهدة توافق عليها دول العالم وفقا لأهداف وجداول زمنية تهدف إلى خفض الانبعاثات. ويجري تنفيذ خفض الانبعاثات بصورة تنازلية، إثر تفويضات وطنية ودعم حكومي لتقنيات الطاقة النظيفة. ولكن بعد مرور 22 عاما على الاتفاقية الأصلية للمناخ، تستمر الانبعاثات في الارتفاع والتهديد بضرر كبير يلوح في الأفق.
باعتباري واحدا من أولئك الذين تفاوضوا في أول معاهدة للأمم المتحدة في عام 1992، كمسؤول في وكالة حماية البيئة، فإني أعتقد أننا بحاجة إلى تغيير المسارات وتجريب شيء جديد.
يحاول العمداء في كل من برشلونة، وملبورن، وكوريتيبا البرازيلية، التوسع في قطاع وسائل النقل العام. وعمل مايكل بلومبيرغ، عمدة نيويورك السابق، مع شركات خطوط الأنابيب لزيادة وصول الغاز الطبيعي حتى يتمكن السكان من التحول من استخدام أفران الوقود الزيتي القذرة إلى الأفران الرخيصة النظيفة التي تعمل بالغاز الطبيعي.
وفي ولاية كونيتيكت، حيث كنت أشغل منصب مفوض الطاقة وحماية البيئة، بدأ دانيل بي مالوي، وهو من الحزب الديمقراطي، تنفيذ مشروع «البنك الأخضر» الذي يستخدم أموالا حكومية محدودة للاستفادة من التدفقات الكبيرة في رأس المال لمشاريع الطاقة النظيفة.
كذلك كثف الكثير من القادة في مختلف الصناعات جهودهم أيضا، ويعدون الطاقة المستدامة أمرا جيدا من حيث الأساس. على سبيل المثال، شجعت الأقسام الغذائية في مجموعة «يونيليفر» المزارعين الموردين على تبني الكفاءة والتقدم وأساليب الإنتاج منخفض الكربون. وساعدت شركة «ألكوا» شركتي «بوينغ» و«فورد» في الحصول على أفضل كفاءة في استهلاك الوقود من خلال خفض أوزان الطائرات والسيارات.
وينبغي تسليط الضوء على نجاحات تلك الشركات وغيرها الكثير في اجتماع زعماء العالم في مدينة باريس للتفاوض حول الجولة المقبلة من الالتزامات المناخية. والأهم من ذلك، لمَ لا ندعو قادة الولايات، والمقاطعات، والمدن والشركات للانضمام إلى ممثلي الحكومات القومية في التوقيع على اتفاقية التغيرات المناخية المتوقعة في عام 2015؟
دعونا نتحول من الأسلوب التنازلي حيث تدعم الحكومات الفيدرالية ابتكارات الطاقة النظيفة، التي تعتمد على اختيار الفائزين ومعاونة الصناعات والتقنيات المختارة. بدلا من ذلك، دعونا نشجع مسارا تمويليا تتعامل فيه الحكومة مع القطاع الخاص من أجل تقديم مشاريع الطاقة النظيفة.
يمكن القيام بذلك مع البنوك والسندات الخضراء وغيرها من آليات تمويل الطاقة النظيفة بالقطاع الخاص التي يمكن أن تزيد بشكل كبير من تدفق رأس المال في سبيل تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة والطاقة المتجددة. ولا يقدم التركيز على السوق الخاصة احتمال زيادة المال والمشاريع الجيدة فحسب، وإنما يقدم أيضا المنافسة من أجل تقليل التكاليف. سوف يكون الاعتراف بعدم نجاح المنهج الحالي أمرا عسيرا للبعض. ولكن لنأمل أن يقودنا الاجتماع الأخير هذا نحو مسار جديد.
* خدمة «نيويورك تايمز»