• Monday, 23 December 2024
logo

ســيـادة الـعـراق فـي ظـل داعـش ......................عبدالله جعفر/ ماجستير بالقانون الدولي

ســيـادة الـعـراق فـي ظـل داعـش ......................عبدالله جعفر/ ماجستير بالقانون الدولي
مما لاشك فيه أن الدولة تقوم على ثلاثة أركان رئيسية هي الشعب و الأقليم و السلطة إلا أن السيادة هي التي تميز الدولة عن غيرها من الوحدات ذات الطبيعة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية, كما أنها هي التي تحدد موقع الدولة في المجتمع الدولي بين دولة مستقلة او تابعة باختلاف مسمياتها, و بالتالي فانها السمة المميزة والرئيسية للدولة ككيان قانوني وسياسي.

وللسيادة جذور تاريخية و نظريات متعددة و تعاريف جمة و خصائص كثيرة، لكنها تعني سلطة الدولة العامة بالقدرة على تنظيم نفسها وعلى فرض توجهاتها دون أن تكون خاضعة لسلطة أخرى على المستويين الداخلي او الخارجي, وهذا يعني بأن تكون سلطة الدولة على كامل أراضيها من الأقليم البري والجوي والبحري وتشمل كافة أبناء الشعب دون إستثناء، ولها مظهران خارجي يتعلق بتنظيم علاقاتها مع الدول الاخرى في ضوء أنظمتها الداخلية وحريتها في إدارة شؤنها الخارجية وتحديد علاقاتها بغيرها من الدول وحرية التعاقد والاعلان عن الحرب, والأخر داخلي يتمثل ببسط سلطاتها على أقاليمها وولاياتها وكل الرعايا وتطبيق أنظمتها عليهم جميعاً، وإن جميع الدول تتساوى في تمتعها بالسيادة وما يترتب على ذلك من مساواة أمام القانون الدولي وأمام الحقوق التي يرتبها هذا القانون استناداً الى ميثاق الأمم المتحدة.
أعمال السيادة تختلف من دولة الى أخرى تبعاً للمذهب السياسي أو التشريعي الذي تعتمده، فهي تتسع او تضيق تبعاً للمنهج التشريعي الذي تتبعه الدولة واستناداً الى قدرة الدولة على ممارسة سيادتها على أقليمها وبمستواها يمكن تحديد هل الدولة مستقلة او خاضعة لسلطة أخرى تحت تسميات مختلفة، منها الدولة المحمية المنتدبة او الوصية , وهذا يعني عندما لاتكون الدولة قادرة على بسط سلطتها على اقاليمها فان سيادتها تكون ناقصة ولأي سبب كان .
العراق هذا البلد الذي شهد أكبر عدد من التقلبات السياسية والصراعات الداخلية والتغيرات في الأنظمة السياسية نتيجة سوء الادارة وعدم فهم الواقع الحقيقي للشعب العراقي وتطلعاته، ناهيك عن عدم شعور المواطن العراقي في أكثر الاحيان بالانتماء الروحي لهذا البلد، نتيجة ممارسات السلطة السياسية فيها من الإقصاء و التهميش والقتل والإبادات جماعية واستخدام الاسلحة الكيمياوية المحظورة دولياً, بالاضافة الى الكثير من التحولات الدولية وظهور مفاهيم جديدة من النظام العالمي الجديد بعد إنهيار الأتحاد السوفيتي السابق وانتهاء الحرب الباردة كالعولمة والشركات المتعددة الجنسيات والتطور التكنولوجي وبروز مبدأ التدخل الانساني في شؤون الدول مما قزمت السيادة الوطنية ولم يعد للحدود الدولية أي أعتباريذكر .
و نتيجة للسياسات الخاطئة غير المنهجية المتبعه من قبل الحكومة العراقية بعد تحريرها عام (2003) من الاقصاء و التهميش و التهجير القسري و اشعال فتيل الحرب الاهلية خلال الاعوام العشرة الاخيرة التي فتك بالمجتمع العراقي و تفرد رئيس الحكومة بالقرارات المهمة التي تمس العمق الاستراتيجي للدولة العراقية و إدارته للعديد من الملفات الحساسة في الدولة منها الملف الأمني الذي اثبتت فشلها و إقصاء المكون السني من العملية السياسية بالاضافة الى عدم معالجة المشاكل العالقة بين هه ولير و بغداد بل العكس من ذلك أصبحت بغداد مركزا لتصدير المشاكل و الأزمات واحدة تلو الى الاخرى الى المحيط الخارجي.
هذه الأسباب و أخرى كثيرة أضعفت هيبة الدولة العراقية و لم يشعر شعبه بمواطنتهم وإنتمائهم، لانهم لم يجدوا مايربطهم به ولم يجدوا ادنى مقومات من خدمات امنية و صحية و تربوية فأصبح الانسان العراقي يشعر بان الحياة لاقيمة لها و اصبحت لعبه بيد السلطة تلعب بها كيفما تشاء، وأستخدمت القوانين التي شرعت كأداة للهدم وتحقيق الاهداف الحزبية والطائيفية.
هذا كله جعل مناطق من العراق حاضنات لنمو الجماعات الارهابية و تنميتها بشكل غير ملحوظ، فبعد ان كانت تقوم بعمليات منفردة من زرع العبوات وتفخيخ السيارات والاغتيالات العشوائية ومهاجمة بعض نقاط التفتيش او المراكز العسكرية اصبحت هذه الجماعات بعد تغيير أسترتيجيتها تفتح الجبهات و تسيطر على مناطق شاسعة من العراق حتى فعلت فعلتها في شهر حزيران من هذه السنة بالسيطرة على مدينتى الموصل و تكريت التي تشكل نسبة عالية من اراضي العراق واستولت على كميات كبيرة من الاسلحة و الذخيرة بعد انهيار المؤسسة العسكرية خلال ساعات ولم تستطع المقاومة حتى لفترة قصيرة، فباتت هذه الجماعة تسيطر على كل المقدرات الاقتصادية و البشرية من منابع النفط و جباية الرسوم و الضرائب و زادت قوتها بالعدد والعدة معلنة عن دولتها التي شملت اجزاء من العراق وسوريا واضحت تمارس في ظلها أبشع انواع الجرائم من القتل و النهب و الاغتصاب و التشرد , ولم تعد للحكومة العراقية أية سيادة على هذه المناطق! فالسؤال المطروح هل يمكن اعتبار سيادة العراق كاملة في وقت تسيطر جماعة ارهابية تحت اسم ( دولة الخلافة الاسلامية ) على مساحات واسعة منها ولا تملك الحكومة العراقية ادنى وجود فيها و لا تحرك ساكناً ؟
فبرأينا ان السيادة العراقية ناقصة (غير كاملة) لاسباب :-
1. لأنها لاتملك زمام الامور ولم تعد تسيطر على كامل الاراضي العراقية وسلطتها محدودة بحدود هذه الجماعة الارهابية في الوقت الحالي .
2. ان هذه المناطق خاضعة بشكل كامل لجماعة ارهابية تحت اسم (دولة الخلافة الاسلامية) و تستغل مقدراتها وثروتها الاقتصادية والبشرية من قبل هذه الجماعة دون أي اعتبار للحكومة العراقية .
3. بسيطرة هذه الجماعة على هذه المناطق لم يعد هناك وجود للحدود الدولية بين العراق وسوريا .
4. ان سيطرة هذه الجماعة على هذه المناطق ومهاجمتها لأقليم كوردستان كان سبباً رئيسياً وراء تدخل القوات الدولية عن طريق القصف الجوي في العراق بقيادة امريكا على رأس تحالف دولي لمحاربة هذه الجماعة وايقاف زحفها, هذا التدخل الذي يحمل بين جنباته الكثير من التساءولات اهمها نقص السيادة العراقية، فتعالت الاصوات العراقية بوجوب عدم المساس بسيادة العراق من قبل التحالف الدولي الذي شكل لأنقاذ العراق من خطر الارهاب بعكس ما تميله هذه الجماعة من تأثير سلبي على سيادة العراق في ظل صمت داخلي فشتان بين الموقفين .
Top