الماضي المُضطرب للعلاقات الخارجية مع الكُرد.....ترجمة تمر ابراهيم
ترجمة : تمر حسين ابراهيم
يُقدم الباحث يوجينيو ليللي، من كلية كينج بلندن قسم الدراسات الدفاعية و مُدير مجموعة أبحاث السياسة الخارجية الأمريكية لكلية كينج في لندن ، لمحة تاريخية لعلاقة الكُرد مع القوى الأجنبية و التي اتسمت دائما بعد الثبات و كانت تغلبُ عليها الخذلان و التخليَ عن الكُرد في أصعب الأوقات ، حيث يكون الكُرد غالبا ضحيَة التحالفات الدولية و مصالح القوى الإستعمارية و الإقليمية. فيكون الثمن هو القمع و الإضطهاد على يد الدول المُتحكمة بالمصير الكُردي و هكذا تضيع الآمال الكُردية في العيش في وطن كُردي واحد . و يقول الباحث :
قبل أسابيع قليلة سيطر مُقاتلو الدولة الإسلامية و الذين كانوا عُرفوا مُسبقا بالدولة الإسلامية في العراق و الشام ، على مناطق مُهمة في شمالي العراق .بالطبع تحرك في الحال المُجتمع المجتمع الدولي لوقف هجوم الدولة الإسلامية صوب اربيل ،عاصمة إقليم كُردستان ، و لتقديم إغاثة إنسانية ضرورية لآلاف المدنيين المُشردين .
أمر الرئيس باراك اوباما بتوجيه ضربات جوية ضد قوات الدولة الإسلامية و مُساعدات جوية انسانية في شمال العراق . بدأت الإدارة الأمريكية أيضا بإرسال المئات من المُستشارين العسكريين و الأسلحة لمُساعدة البيشمركة الكُردية في جهودهم لصد هجوم الإسلاميين .
قال كلٌ من الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند و رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأن دولهم مُستعدة أيضا لتقديم السلاح و المُساعدات الإغاثية الأخرى لكُرد العراق . على نحو مُماثل اتفق وزراء خارجية دول الإتحاد الأوربي في اجتماع في بروكسل على تسليح القوات الكُردية .
هناك تخمينات بأن الدعم الدولي الحالي لكُرد العراق يمكن أن يُترجم في المستقبل القريب إلى دعم دولي لإنفصال كُردي عن العراق و تأسيس وطن كُردي مُستقل .
ماذا يحكي لنا تاريخ القرن العشرين للعلاقات الكُردية مع القوى الخارجية عن مثل هكذا احتمال ؟
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى اجتمعت القوى المُتحالفة المُنتصرة لقطع أوصال الأراضي الواسعة للدولة العثمانية المُنهزمة . إقتُرح في معاهدة سيفر عام 1920 إنشاء وطن مُستقل للشعب الكُردي .ما يُثير الإهتمام هو أن كُردستان التي اقترحت لا تتضمن السُكان الكُرد في ايران ،سورية الخاضعة للسيطرة الفرنسية و العراق الخاضع للسيطرة البريطانية و لكنها منحت الكُرد سيطرة على منطقة و التي هي الآن أرض تركية .
أوضح الحلفاء أيضا بأنهم لن يُقدموا دعما عسكريا أو ماليا للدولة الكُردية الناشئة ، و بسبب ذلك لم يأخذ الأمر وقتا قبل أن تقضي بعنف قوات كمال اتاتورك ، القومي التركي ، و الذي يُعارض بشدة الإعتراف بحكم ذاتي للأقليات الثقافية و العرقية داخل تركيا ، على الآمال الكردية بوطن مُستقل .
في عام 1946 ، عندما كانت القوات السُوفيتية ما زالت مُحتلة لشمالي ايران، شجع الإتحاد السوفيتي كُرد ايران لإنشاء كيان لدولة مُستقلة. بالقيام بهكذا أمر فإن القادة السُوفيت كانوا يؤكدون من جديد على هدف روسيا القيصرية في مُمارسة النفوذ على الأراضي الإيرانية .
بقيت جمهورية مُهاباد الكُردية الناشئة لفترة وجيزة . و تحت ضغط أمريكي و بريطاني مُتزايد إضطر الإتحاد السوفيتي فعليا لسحب قواته من ايران في نهاية الأمر . تُرك الكُرد لوحدهم بعد أن تم التخلي من قبل أصدقائهم الأجانب لمواجهة هجوم مُتتالي و مُتصاعد لقوات الحكومة الإيراينة .
خلال عامي 1974 و 1975 دعمت ايران و بمُباركة إسرائيلية و أمريكية الإنتفاضة الكُردية ضد الحكومة المركزية العراقية . كان القادة الإيرانيون يرغبون كثيرا بإقتناص الفرصة لإضعاف مُنافسيهم في بغداد . لكن في تغير كامل مُفاجىء في الموقف عقدت ايران مُعاهدة مع العراق و التي تُعرف بإتفاقية الجزائر حيث تعهدت ايران بوقف دعمها لتمرد الكُرد في العراق. نُتج عن الإتفاقية نهاية سريعة للإنتفاضة و ترحيل إجباري لأكثر من 250 ألف كُردي من شمال العراق إلى مناطق أخرى من البلاد.
في الثمانينات بعثت الولايات المتحدة و الإتحاد السوفيتي الخلاف بين العراق و ايران كجزا من صراعهما في الحرب الباردة من أجل الهيمنة العالمية . انتفض كُرد العراق مُجددا في مسعى جديد لكسب الإستقلال . ردَ النظام العراقي في عهد صدام بإستخدام الأسلحة الكيمياوية بحق الثوار الكُرد . في أحد الوقائع المشُهورة على وجه التحديد أدى استخدام الغاز الكيمياوي من قبل القوات المُسلحة العراقية لموت ما لا يقلُ عن خمسة آلاف مدني في مدينة حلبجة الكُردية .أمام هكذا انتهاك صارخ للقانون الدولي فإن المجتمع الدولي بقيَ صامتا حيال ذلك .
مُجددا خلال حرب الخليج الفارسي عام 1991 حرَضت الولايات المُتحدة كُرد العراق على حمل السلاح بوجه نظام صدام حسين ، لكن بنهاية شهر شباط من ذلك العام أوقف الرئيس جورج بوش الأب و على نحو مفاجىء عملية عاصفة الصحراء و هكذا منح الفرصة للجيش العراقي ليُعيد تجميع قواه و سحق الثورة الكُردية في الشمال . خشية من تكرار الأحداث المُروعة للثمانينات هرب مليونا كُردي بإتجاه الحدود الإيرانية و التركية و توفي ما لا يقلُ عن عشرين ألف شخص أثناء محاولة القيام بذلك .
اليوم و بينما أعلن المجتمع الدولي عن استعداده لتقديم الدعم الإنساني و العسكري لكُرد العراق في حربهم ضد الدولة الإسلامية، فإن قوى دولية مُهمة و من ضمنها الولايات المُتحدة تُساهم بمشكلة و التي تُضعف الكُرد في أكثر أوقاتهم عُرضة للخطر . في حقيقة الأمر فإن المال ينقُص لدى الكُرد.
مطلوبُ من الحكومة المركزية العراقية أن تتقاسم العائدات النفطية مع حكومة إقليم كُردستان في اربيل لكن السُلطات الكُردية قد اعلنت بأن سُلطات بغداد قد فشلت في القيام بهذا الأمر مؤخرا . في نفس الوقت أوقفت الإدارة الأمريكية و آخرون مُحاولات الكُرد لبيع النفط لوحدهم . و بتأثير ذلك فإن ناقلة نفط تحمل ما يُقارب قيمته 100 مليون دولار امريكي من نفط كُردستان تقف الآن على شواطىء تكساس في خليج المكسيك غير قادرة على تفريغ حُمولتها الثمينة . بالنسبة للكُرد الوصول إلى إكتفاد ذاتي اقتصاديا سيُمثل من دون شك خطوة أساسية صوب تحقيق الإستقلال السياسي .
تُظهر هذه الدراسة التاريخية الشبه كاملة ، بوضوح أن العلاقات بين الكُرد و القوى الخارجية قد اتسمت بنوع من إستغلال مصلحيَ و خذلان قاس .
لو كنتُ كُرديا فكان سينتابني الشَك كثيرا بشأن احتمالية أن يكون الحشد الدولي الحالي سيُترجم إلى دعم مُستقبلي حقيقي لإنشاء وطن كُردي مُستقل .
يو جينيو ليللي ، يُحضر لشهادة الدكتوراة ، قسم الدراسات الدفاعية في كلية كينج بلندن و مُدير مجموعة أبحاث السياسة الخارجية الأمريكية لكلية كينج ، لندن