• Monday, 23 December 2024
logo

رؤية قانونية حول شرعية التدخل العسكري الدولي لحماية حقوق الانسان...............القاضي عبدالستار رمضان

رؤية قانونية حول شرعية التدخل العسكري الدولي لحماية حقوق الانسان...............القاضي عبدالستار رمضان
يوماً بعد يوم يزداد الاهتمام العالمي بضحايا الصراعات والحروب والنزاعات الكثيرة والمنتشرة في اكثر من مكان وموقع في العالم، والتي يسقط خلالها الكثير من الضحايا ويعاني من جراء اهوالها عشرات او مئات الآلاف من السكان المدنيين العزل الذين لا حول ولا قوة لهم،
والذين يجدون انفسهم فجأة وبلا مقدمات او تهيئة او تحضيرات، جزءاً او وقوداً لحروب وصراعات تتعدد فيها الاطراف المتصارعة وتتنازع فيها الاجندات المختلفة التي يسعى كل منها للربح والانتصار على حساب المدنيين والفئات الاكثر ضعفاً وهشاشة في المجتمع، ونقصد بهم النساء والاطفال والشيوخ المسنين والمرضى وضحايا من كل جنس ولون وعمر يختلفون في الاسماء والهويات ويتفقون في كونهم يحملون صفة واحدة كونهم ضحايا النزاعات والحروب.
ويمثل موضوع التدخل الدولي لحماية حقوق الإنسان أحد اهم المواضيع والقضايا التي تأخذ اهتماماً كبيراً، خصوصاً بعد الثورة الكبيرة والانتشار الهائل لوسائل الاعلام والاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي التي اصبحت محركاً او داينمو لتحريك واستفزاز الراي العام المحلي والعالمي، والذي يضغط بدوره على السياسيين والقادة صناع القرار، الذين يجتمعون ويهرولون الى مناطق الصراع والنزاعات والحروب ليشاهدوا باعينهم ويعاينوا الضحايا الدين وصلت أناتهم ومعاناتهم الى ابعد نقطة ومكان في العالم.
لقد اصبح التدخل العسكري لحماية حقوق الإنسان الاساسية في الحياة والحرية من اولويات واهتمامات الدول الغربية الكبرى، والتي لولا هذه الدول لسقط وضاع عشرات ومئات آلاف الضحايا، لان الحس والشعور الانساني في الكثير من هذه الدول كبير ويستند على الوعي الموجود لدى سكانها، والذي يظهر في ضغط مباشر وحضور متواصل للمنظمات وجمعيات الاغاثة التي نراها في اكثر الاماكن خطورة ولهيباً مثل منظمة أطباء بلا حدود او منظمات المساعدة للاطفال والنساء من مختلف الدول والجنسيات مقابل فقر وجدب يصل الى الى حد التصحر والعدم في الحضور لدول عربية واسلامية نجدها غالباً في آخر الصف او آخر الملبين للنداء والضمير الانساني.
لقد اقر المجتمع الدولي بوجود ومفهوم الجرائم ضد الإنسانية واصبحت من ضمن مواد القانون الدولي في الفترة التي اعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية من خلال محاكمات نورمبرغ في محاكمة قادة النازية في ألمانيا، وبعدها احتل موضوع التدخل لحماية حقوق الإنسان والأقليات جزءاً من القانون الدولي، وتم إلنص عليها في أهم وثيقتين دولتين هما:
1-ميثاق مناهضة جرائم الإبادة الجماعية لعام 1948
2-ميثاق جنيف الخاص بقوانين الحرب لعام1949
غير ان فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي(امريكا وحلفائها) والشرقي (السوفيت وحلفائهم) عطَل واوقف تطبيق هذه المبادئ والقواعد القانونية، الا انه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة تهيأت للمجتمع الدولي فرصة سانحة وكبيرة من اجل تطبيق كل المبادئ والقيم الانسانية والتي تشكل بمجموعها ارثاً وشراكة عالمية لمختلف الديانات والثقافات والشعوب المنضوية تحت علم الامم المتحدة، لتبعث الحياة وتعيد هذه المبادئ والمواثيق القانونية العالمية وتنقلها من نطاق الكتب والسطور الى آفاق العالم والتطبيق العملي في ساحات الصراع والحروب.
وهكذا شهد العام اصدار العديد من قرارات حول العديد من القضايا والصراعات الدولية، بل وتحرك العالم الحر في بعض الحالات التي لم يتم فيها استصدار قرارات من مجلس الأمن مثل التدخل العسكري المباشر من امريكا وحلف الناتو حتى من دون وجود قرار قانوني دولي في كوسوفو.
ان اهمية مبدأ التدخل الإنساني كبيرة وتزداد مع ازدياد واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء متفرقة من العالم، وخصوصاً عندما تعجز بعض الدول وتكون منظومتها الدفاعية والعسكرية منحازة او تعمل لصالح طرف او مكون واحد، مما يضاعف مآسي المدنيين والناس الذين يتحولون الى هدف سهل يتم فيه قتل وتشريد ونهب حياة وممتلكات البعض لاسباب ودعاوى باطلة.
ان التدخل الانساني والعسكري الذي يحصل غالباً لاعتبارات إنسانية ومن أجل حماية مواطني دولة أو أقلية معينة تتعرض لانتهاكات حقوق الإنسان لا يعني دائماً عدم وجود انتقائية أوانحياز واضح في بعض الاماكن الى جانب ارتباطه غالباً بمصالح واجندات معلنه او سرية للدول التي تتدخل والذي قد يفسر على انه تدخل في الشؤون الداخلية للدول التي تعيش صراعاً او ازمات معينة لاقليات او جماعات أثنية او دينية او قومية.
ان المثل المشرق للتدخل الانساني هو انشاء المنطقة الآمنة بعد حرب الخليج عام 1991 والتي تشكل بعدها اقليم كوردستان ومسيرة البناء والسلام الذي ضمنه منطقة تحريم تحليق الطيران العراقي شمال خط العرض 36 والذي تعهد الغرب بضمانه رغم رعونة وعداء النظام السابق والذي حاول امتحان التزام الغرب فكانت الضربات الامريكية في عهد الرئيس كلنتون رسالة واضحة بالتزام امريكا والغرب بامن وسلامة شعب واقليم كوردستان.

نائب المدعي العام –اقليم كوردستان العراق
[email protected]
Top