• Monday, 23 December 2024
logo

أمل العراق في كردستان....... خالد القشطيني

أمل العراق في كردستان....... خالد القشطيني
كنت قد كتبت في السنوات الأخيرة أن على كردستان أن تحمل راية التقدم والفكر الحر وتصبح نبراسا لكل العراق. هذا في الواقع ما ذكره لي الراحل عبد الرحمن البزاز عندما كان رئيسا للوزراء في العراق. قال: «سعيت لإعطاء كردستان أكثر ما يمكنني من الحقوق الديمقراطية، لا محبة في شعبها فقط، بل لتصبح أيضا قدوة تحتذي بها بغداد في ما بعد».

تتميز الأقليات في كل مكان بروح التقدم والتحرر والانعتاق. هذا ما عرفناه عن الأكراد طوال العهود الماضية. إنهم معروفون بالتدين والتقوى، لكن تدينهم ظل متميزا بالاعتدال والوسطية والإيمان بأن كل إنسان وربه. لا حق لأحد أن يفرض على أحد إيمانه أو مذهبه أو طقوسه. السياسة شيء والعبادة شيء آخر، الدولة شيء والدين شيء آخر. وبهذه الخلفية تعايشت شتى الطوائف في كردستان بكل أخوة وتفاهم. مكنتهم هذه الخلفية أيضا من الانتماء للآيديولوجيات اليسارية والعلمانية. كثيرا ما يعتزون أيضا بتعاملهم مع المرأة من منطلق المساواة. أصبحت جبالها ووديانها ملجأ لكل أحرار العراق ممن طاردهم صدام حسين. وحمل بعض هؤلاء السلاح وشاركوا قوات البيشمركة في مقاتلة جنوده.

هكذا أصبحت وتأقلمت على اعتبار نفسها ملجأ دائما لكل من ضاقت بهم السبل. لا يسأل أهلها طارق الباب من أنت، وما هي هويتك وأفكارك وديانتك ودنانيرك. هذه أرض الله الواسعة. ادخل وخذ ما كتبه الله لك من أرزاقها. بهذه الروحية رأيناها تفتح حدودها للفارين من سوريا ومن تركيا والموصل وتلكيف وسنجار، أكرادا ونصارى وإيزيديين وسنة وشبكا، وهات ما عندك.

والظريف في شأنها أنها رغم كل هذا الانفتاح والتنوع والخلفية القتالية والأسلحة المتوافرة تتمتع بأمن واستقرار كامل جعل الكثير من العراقيين الآخرين، ومن العرب وغير العرب، يتخذون مقامهم فيها، يشتغلون ويستثمرون ويتقاعدون ويدرسون ضمن حدودها. هكذا أصبحت أربيل بصورة خاصة عصبة أمم تسمع فيها شتى الألسن، ويتسارع فيها الإعمار والاستثمار. تشتهي «فلافل» فيها مطعم فلسطيني، تشتهي «برياني» فيها مطعم هندي، تبغي «تبولة» فيها مطعم لبناني، تريد «روست بيف» هناك مطعم أوروبي.. وتبغي لبن أربيل تجده في شوارع أربيل. وفوق كل ذلك، تجد في أسواقها روح الأمانة والصدق التي جعلت العراقيين عبر العصور يأتمنون أهلها في أموالهم وأعمالهم.

ناظم الزهاوي كردي - عراقي – بريطاني، يمثل منطقة ستراتفورد في البرلمان البريطاني. زار كردستان مؤخرا، وعاد وكتب في صحيفة «الديلي ميل» عن مشاهداته. أعجبني فيها ما وصفه عن قوات البيشمركة وهم يقفون في حراسة اللاجئين وللرد على الإرهابيين من عصابات «داعش» وتحرير سد الموصل من قبضتهم.

هناك نقاش مستمر بشأن مستقبل كردستان: الاستقلال التام أو ضمن الوحدة الفيدرالية العراقية؟ وجدت جوابي عن ذلك السؤال في سلوك إخواننا الأكراد هذا بنجدة إخوانهم من الجنوب والغرب، ووقوفهم في حماية سدود العراق ونفطه، وردهم على المارقين من الإرهابيين. كلا.. لا فكاك بين الشعبين.


صحيفة الشرق الاوسط
Top