المالكي وآخر أربعاء............حازم المبیضين
قد يكون العراق كما يتوهم المالكي في مهب أزمة ناجمة عن هجمة شرسة تتعدى الحدود، وتستهدف البلاد وأمنها وسيادتها، وفي حين كان هو شخصياً أكثر من خرق الدستور فإنه يتهم مناوئي حكمه بالتمرد على الدستور، وبأنهم أكثر خطراً من الإرهاب، وهو إذ يهاجم مسلحي العشائر ومعهم الكرد فكأنما يقطع كل السبل للتوصل إلى حل يضمن وحدة البلاد، وهو يؤكد من حصنه في المنطقة الخضراء، وفي مغالطة ساطعة الوضوح، أن عراق ما قبل أحداث نينوى سيبقى كما هو، مدافعاً عن وحدته وأمنه وسيادته، بينما تؤكد كل تصرفاته أن وحدة البلاد ليست في قائمة اهتماماته وهو يناور في كل الاتجاهات لضمان ولايته الثالثة.
حكومة الإنقاذ الوطني مرفوضة عند مختار العصر، فقط لأنها لن تكون برئاسته، ولا بأس أن يذهب الوطن إلى الجحيم ما دام لايعترف بأفضال السيد المالكي خلال سنوات حكمه، الخالية من الفساد، والتي تنعّم خلالها العراقيون بالأمن والأمان، وهي لذلك انقلاب على الدستور، رغم أن الداعين اليها هم أقطاب العملية السياسية، التي أخرجها المالكي عن خط سيرها الصحيح، وحولها أداة تضمن له وليس لحزبه الانفراد بحكم العراق.
بدموع التماسيح يتباكى المالكي على معاناة المحافظات الواقعة تحت سيطرة داعش، لكن المؤكد أن ما يعانيه هؤلاء ناجم عن سياسات المالكي، وهو يتناقض مع ما يقول مرة أخرى وليست أخيره فيتهم الشركاء في العملية السياسية بمحاولة إضعاف القدرات الوطنية، واللجوء إلى الدول الاجنبية لحثها على عدم تجهيز العراق بالأسلحة القادرة على مواجهة الإرهاب، ولا ندري ان كان يملك جواباً على سؤال لماذا سكت عن خيانتهم سابقاً، أم انها سياسة الملفات التي يهدد بها كل من يقف ضد طموحاته السلطوية.
رغم قوله إن العراق بعد أحداث نينوى سيظل كما كان قبلها فإنه يعترف بأن البلاد تواجه مخاطر تهدد وحدتها، ويبشرنا بأن قواته التي انسحبت من مواقعها دون قتال تمكنت من دحر قوات داعش وفتح الطرق بين المدن التي كان قد استولى عليها، لاحظ حجم إنجاز جيش يقوده المالكي وقد صرفت عليه المليارات، لكنه وهو يحاول يائساً تسويق انتصارات وهمية، يتملق المرجعية التي دعت المواطنين كافة للدفاع عن وطنهم، فحولها فكر المالكي إلى دعوة تخص أبناء الطائفة الشيعية، للدفاع عن المراقد وحقه في الحكم في آن معاً.
رغم عناده المرضي فإن الطامح بغير حق لولايات مستمرة، مستعد للتخلي عن العصا واللجوء إلى الجزرة، فيعترف مرغماً بأن العملية السياسية خرجت أو اخرجت عن مسارها، ويتجاسر فيدعو "الشركاء الأعداء" بعد أن أشبعهم شتماً لوضع الخلافات جانباً وتوحيد الجهود، وطبعاً تحت قيادته الرشيدة، للدفاع عن الشعب وحريته، ومواصلة الحرب المقدسة ضد الإرهاب الذي يريد إعادة العراق إلى عهود الظلم والظلام، وكأن البلاد خرجت من تلك العهود، إن لم نقل إنها انتقلت إلى الأسوأ.
ربما يكون الأربعاء ارتاح من خطب المالكي، وقد نكون استمعنا لخطبة الوداع من دكتاتور يماهي بين شخصه والبلد الذي يتحكم به، وهو يظن أن العراق وأن بلاد الرافدين يمكن أن تتقزم لتختصر بشخصه، وهو لذلك مستعد للتضحية بكل شيئ وباي شيئ للحفاظ على سلطته
ايلاف