صدام الغشوم و المالکي الرحوم.........نزار الجاف
اولئك الذين يرکضون خلف رئيس الوزراء الذي لاإنتهاء لولايته، ويسبغون عليه من الصفات و الالقاب بما لم يسبغ على أي زعيم عربي من قبله، يجب الاعتراف بأنهم قد فاقوا الجيش النازي الذي فاخر و تباهى هتلر بهم أمام خصومه من حيث إستمرار ولائهم لهذا"المختار" الذي ظهر في الالفية الثالثة بعد الميلاد لينفخ في قرب الطائفية المثقوبة من أجل أهداف يبدو أنها قد تشابکت عليه فصار أشبه بالذي يدور في أکثر من حلقة مفرغة ولم يحقق أي هدف سوى إستمراره في منصبه(والذي هو أساس البلاء و المصائب کلها)، ومن حقنا أن نتسائل: الى متى ظاهرة تهافت المجاميع للمسالخ من أجل فرد واحد خصوصا إذا کان هذا الفرد نفسه لايعرف ماذا يفعل!
ألقاب صدام حسين التي کان يسبغها عليه المداحون و المرائون و المنافقون بالاضافة الى مناصبه العديدة، مع إنها أضرت به، غير ان الرجل أثبت في لحظة إعدامه بغض النظر عن کل شئ انه صاحب موقف ولم يرجف له جفن وهو يواجه الموت فيما کان خصومه أشبه مايکونوا بجمع من أکلة لحوم البشر الذين يتراقصون حوله جذلين بإعدامه و لهذا فقد أثار صدام جدلا بعد موته أکثر من الجدل الذي أثاره في حياته، وقد أثبت خصوم صدام حسين غبائهم المفرط عندما منحوه کل هذا المجد بتسرعهم في إعدامه بتلك الصورة التي أثارت ضغينة العالمين العربي و الاسلامي، ولو ألقينا نظرة على التأريخ المعاصر و رأينا کيف تعاملت اسرائيل مع قضية إعدام القائد النازي (ادولف آيخمان)، وکيف انها جعلت من إعدامه آخر عملية إعدام في إسرائيل، فإننا نعرف الفرق الکبير بين الغباء و الذکاء السياسي، لکنني أتسائل، وأدعو کل لبيب معي للتمعن في سؤالي هذا: لو قدر وان حدث نفس الشئ لنوري المالکي أي تم إعدامه من جانب خصومه(وبصراحة کل شئ وارد في العراق في ظل الاوضاع الغريبة جدا من نوعها)، فهل سيثير جدلا بعد مماته بنفس المستوى؟
صدام حسين کان دکتاتورا و بطش بخصومه أيما بطشة ولاخلاف او إختلاف على هذا الامر، لکن في نفس الوقت کان رجل دولة من الطراز الاول و کان في أحلك الظروف و اسوأها يعرف کيف يدبر أمور الشعب العراقي و يؤديها على أفضل وجه، لکننا عندما نقارنه بالمالکي، نجد البون أکثر من شاسع فيما بينهما، ولاأود أن
يؤخذ کلامي هذا على أنه تمجيد بحق صدام حسين ولست أريد او أبتغي ذلك أبدا، لکن منطق الحق يفرض نفسه.
صدام بعد أن إستلم السلطة في عام 1979، ومع انه قد خاض حربا ضروسا ضد نظام ديني کانت دول المنطقة و العالم کلها تهابه، فإن الامن و الاستقرار و الاوضاع المعيشية طوال ثمانية أعوام کان على أحسن مايرام، لکن المالکي و خلال 8 أعوام من ولايتين فاشلتين له، کان أشبه مايکون بمايسترو فرقة سمفونية کل يعزف على هواه، وهذا تماما کان حال العراق ولازال في ظل حکمه غير الرشيد بالمرة، ويکفي بأن نقول بأن العراق قد أصبح ببرکة أعوامه الثمانية العجاف من الدول الفاشلة و المتفشي فيه الفساد و الفقر بصورة جعلت من الاستجداء ظاهرة و فوق کل ذلك من أکثر الدول غير الآمنة.
السياسة علم لکنه مع ذلك يحتاج الى فطنة و دهاء و قدرة خاصة لمن يدخل في تعاريجها و تضاريسها، لکن ماهو الجديد الذي أتى به المالکي لکي نمجده و نقر له بالفضل؟ مراجعة متأنية لأعوامه الثمانية التي تحفل بکم هائل جدا من الفشل المستمر و المشاکل و الازمات المتتالية التي کانت کالمدرار تنزل على رؤوس العراقيين، تدفعنا للإقرار بأنه أفشل سياسي عراقي(ولانقول زعيم)، تبوأ المنصب السيادي الاول في العراق، لکن صدام وعلى الرغم من کل مساوئه و المؤاخذات الکثيرة عليه، فإنه کان مقارنة بالمالکي کالثريا و الثرى، وقد جاء في الحديث الشريف:(وال غشوم خير من فتنة تدوم)، وان صدام مع الاعتراف بأنه کان دکتاتورا و غشوما، لکن ظلمه و إستبداده کان أرحم بکثير من رحمة و عطف المالکي المزعومة و التي ببرکتها تحصد ماکنة الموت الدموية الانفس العراقية بأعداد فاقت ليس ماکان يقوم به صدام حسين وانما حتى فاقت و تجاوزت ماکانت تقوم به کل الانظمة الدکتاتورية العربية القائمة في المنطقة، فهل يلام من يحن الى عهد صدام الغشوم؟
ايلاف