• Sunday, 22 December 2024
logo

تركيا وإيران في عشرة سنوات ........................... عبدالكريم يحيى الزيباري

تركيا وإيران في عشرة سنوات ........................... عبدالكريم يحيى الزيباري
ت تركيا وإيران تتنافسان النفوذ في المنطقة منذ قرون، نهاية السبعينات إيران الخميني تعدم آلاف المؤيدين للشاه. تركيا منقسمة بين اليسار واليمين، حرب أهلية: مناوشات مسلحة اغتيالات تفجيرات إرهابية أودت خلال سنتين سبقتا انقلاب 12/9/1980 بخمسة آلاف قتيل وعشرين ألف جريح
(وقد وصلَ الأمر أنَّ حمل صحيفة منتمية للجهة الأخرى في منطقة تسيطر عليها المجموعة المناهضة يُعرِّض حياة المرء للخطر) ، كان الجيش قد قام بانقلابين سابقين في 27/5/1960، ثم 21/3/1971، ثم انقلاب 28 شباط 1997 لمنع قيام أول حكومة إسلامية. واليوم تكاد تتساوى كفتا الميزان بين إيران وتركيا:
في إيران محمود أحمدي نَجَّاد مدير بلدية طهران الجامح، يمسكُ بكرسيِّ الرئاسة منذُ تَغَلَّبَ على منافسه رفسنجاني 2005 وكانت حملته تستند إلى حياتهِ الفقيرة ودعمه الفقراء وبيانات متناقضة من شأنها إرضاء التيارات المتناقضة، وتغلب على حسين موسوي 2009، الثعلب يحاول أنْ يبدو أقلَّ مما هو عليه مِنْ دهاء: يدافع عن الأسد مستميتاً ويدفع بعجلة العلاقات مع الإخوان في مصر إلى الأمام ويُحْكِمُ قبضته على بغداد وبيروت. وَيُمسِّدُ رأس الخليج بلطف ونعومة، محاولاً تبديد مخاوفهم التي تبدو بلا نهاية، يتهمه الشعب الإيراني بالتسبب بالأزمة الاقتصادية وتجاهل وعوده التي منحته السلطة وأولها(أموال النفط ستكون للفقراء). محمد خوشيريه عضو البرلمان الإيراني قال( أن حكومته كانت قوية على مستوى الشعارات الشعبية، ولكنها ضعيفة على مستوى الإنجاز) في مايو 2008، أعلن وزير النفط الإيراني أن الحكومة أنفقت بطريقة غير مشروعة 2 مليار دولار لاستيراد البترول عام 2007. رغم أن عائدات النفط في حكومة نجاد بلغت 275 ألف مليار ريال، وهو أعلى معدل في تاريخ إيران، إلا أن حكومته حققت أعلى نسبة عجز في الميزانية في تاريخ الثورة الإيرانية، قام نجاد بزيادة الإنفاق بنسبة 25%، وزاد من دعم الغذاء والبنزين. بسبب محاولاته غير العلمية لتنمية الاقتصاد، ازدادت أسعار العقارات ضعفين أو ثلاثة أضعاف وهو ما أضرَّ بفقراء الإيرانيين، فأضر بشعبية نجاد الذي يعيد أخطاء الشاه عينها ببرنامجه الاقتصادي عام 1974 مستمِّداً طموحه من عائدات النفط الكبيرة، فازداد التضخم، ونشطت الأسواق السوداء، عام 1976، أعلن الشاه التقشف الاقتصادي لكبح التضخم التي أغضبت الشعب الفقير المنشغل بحكايات ترف الشاه كحفلته في أكتوبر سنة 1971 بمناسبة مرور 2500 عام على الإمبراطورية الفارسية، قدم فيها أكثر من طن من الكافيار، وجلب 200 طاهياً من فرنسا وقدرت التكاليف بين 100 - 120 مليون دولار، في زمنٍ يتلظى الشعب تحت وطأة الجفاف والقحط والفقر.
في تركيا أردوغان الغالب بلغة الأرقام إلى تركيا في عشرة سنوات:
تركيا 2002: المرتبة 27 في ترتيب الدول الغنيَّة. حجم التبادل التجاري 250 مليار دولار، الدخل القومي للفرد 3300 دولار. ديون صندوق النقد الدولي 23،5 مليار دولار.
تركيا 2012: المرتبة 17 في ترتيب الدول الغنية. حجم التبادل التجاري 780 مليار دولار. الدخل القومي للفرد 11 ألف دولار. ديون صندوق النَّقد الدولي صفر. سئل أردوغان عن سبب هذه النهضة. قال ببساطة: أنا لا أسرق.
لكن أحمدي نجاد ربما لا يسرق أيضاً، وهو يتمظهر بتواضعٍ كبير، لكنه لا يتمتع بالمرونة التي يزدان بها أردوغان! بعد تفجير انتحاري أمام السفارة الأميركية في أنقرة تبنته مجموعة يسارية متشددة مناهضة لأمريكا، تحدَّث فرانسيس ريتشاردوني سفير الولايات المتحدة في تركيا لوسائل الإعلام المحلية في تركيا عن ديمقراطية تركيا الزائفة، وسلبيات الجهاز القضائي، توقيفات مطولة قبل المحاكمة، الغموض عند توجيه التهم، انعدام الشفافية، نواب في البرلمان مسجونون منذ فترة طويلة وأحيانا بتهم غير واضحة، أساتذة جامعيون وطلاب احتجوا سلميا على زيادات الرسوم التعليمية خلف القضبان، عندما يخلط الجهاز القضائي بين هؤلاء الناس والارهابيين فإنَّهُ من الصعب على المحاكم الأميركية والأوروبية أنْ تماشيه. حسين تشيليك، الناطق باسم "حزب العدالة والتنمية" انتقدَ السفير الاميركي(رغم توجيه رئيس الوزراء عدداً من التحذيرات له منذ تعيينه لكنه لم يتعلم كيف يتجنب تجاوز حدود وظيفته) ووصف أردوغان( ريتشاردوني دبلوماسي مبتدئ)لأنَّهُ أثارَ مسألة الصحافيين المعارضين المسجونين في تركيا بعد تعيينه بفترة قصيرة. لكن الجميع يعلم أنَّ ريتشاردوني ليس مبتدئاً فقد كان سفيراً في القاهرة 2003- 2008 ثمَّ نائباً للسفير في أفغانستان ثم في كانون الثاني 2011 سفير في تركيا. ريتشاردوني نَجْلُ فرانسيس ريتشاردوني الأب، من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية. تخرج بامتياز مع مرتبة الشرف من كلية دارتموث عام 1973، حصل على منحة فولبرايت للتدريس والدراسة في إيطاليا، 1976 عمل في إيران أستاذ علم الاجتماع، دخل الخدمة الخارجية في عام 1978. يتحدث الإيطالية والتركية والعربية والفرنسية. هل كان نَجَّاد سيكتفي بوصف ريتشاردوني بالمبتدئ؟
Top