وزارةُ التعليم تُحْرِقُ الفِيَلَة..................... عبدالكريم يحيى الزيباري
طلبة يشعرون بالقلق، ذكرَ بعضهم أنَّ جامعات أوربية قامت في وقتٍ سابق بعدة خطوات وعقوبات: غلق حساباتهم ومنعهم دخول مكتبة الجامعة، منعهم استعارة الكتب، فرض غرامة تتراوح بين 5-10% من المبالغ المستحقة، وهم الآن في انتظار الأسوأ!!
تَجَرَّعَ الطلبة خيبةِ الرجاء! لم يخرجوا من خيبتهم الأولى، إلا ليجدوا أنفسهم أمامَ نَكْسَةٍ أخرى. هذه الإحباطات التي يتعرَّضُ لها طلبتنا لا تنبلع، هذا التناقض بين العالمين: تَناقضٌ مَا لَنَا إلاّ السُّكُوتُ لَهُ، وأنْ نَعوذَ بمَولانا من النّارِ. شعور بالحزن واليأس والعجز وهم يجاورون طلبة بعثات الدول الأخرى الذين لا يشغلهم شيءٌ غير أبحاثهم.
أحدُ الطلبة قدَّم أوراقَهُ في شهر تشرين الثاني 2012. بعد ثلاثة شهور عادَ من أوربا. راجعَ قسم البعثات في وزارة التعليم العالي. انصدمَ بحقيقةٍ لم تخطر له على بال: موظف الانترنت لم يستلم مستمسكاتهِ بدعوى حجمها الكبير وضعف خط الانترنت، كما لم يرد على رسالة الطالب بضرورة إعادة إرسال المستمسكات بحجم أصغر. لماذا لم تخبروني برسالة أو رد؟ سأل الطالب. عددكم الكبير لا يسمح لي بإجابة جميع رسائلكم. لكنَّك تجيب بعضاً منها!!. أجابَ بلا مبالاة ظاهرة وحسدٍ مخبوء. سبب تأخير معاملاتكم قلتنا أمام أعدادكم الكبيرة وطلباتكم الكثيرة! قال موظف آخر.
طلبة ينتظرون والانتظار أشدُّ من القتل، ينتظرون أسماءهم من طواحين البيروقراطية، ينتظرون وقد ملوا حِكمة الانتظار، ينتظرون: إدارات الجامعات الأوربية تتخذ مزيداً من الإجراءات التعسفية ضدَّ طلبة العلم المدينين المتأخرين عن الدَّفع في المواعيد المحدَّدة.
بعد ذلك نشر فريق برنامج البعثات الوزاري في موقعهم الرسمي على الفيسبوك في موقعها إعلاناً: على الطلبة الذين تأخرت معاملاتهم أكثر من أربعة شهور إشعارنا خلال مدة 24 ساعة وإرسال رقم جواز السفر والاسم. استعادَ الطالبُ أمَلَهُ هذه المرَّة ذهب بنفسهِ وَسَلَّمَ المستمسكات يداً بيد. قيل له: انتظر اسمك في القائمة المقبلة. لم يظهر أسمه. كانت الخيبة نصيبه مرَّةً أخرى. في الغروب عند صخرة سيزيف جلسَ يتأمل حيرة تليماخ.
طالبٌ آخر تقدَّم إلى جامعته الأوربية بطلبٍ رسميٍّ للانقطاع عن الدراسة، لمدة شهرين في انتظار صرف المستحقات. تأخَّر الصَّرْفُ اضطرَّ لطلب التمديد شهراً آخر. انتهت المهلة الثانية. لم يظهر اسمهُ أيضاً.
استنشقَ طلبة العلم دخان خيبتهم. لا شيءَ يملأ القلب الفارغ الحزين! آهٍ يا أملاً يختنقُ وراء البحار! أينَ ما تتحلى بهِ روحي من صبرٍ وتهذيب؟ آهٍ مَنْ يوقِفُ في رأسي هذا العالم المنفرج السَّاقين؟ أيها البائر المبير أُخرج من رأسي! فهذا بوسيدون يستلمُ الوديعةَ مرّةً أخرى، يَدُسُّهَا في حقيبة عوليس. أمَّا مندوبُ الوزارة ذاك الذي يجوب أسواق أثينا كلَّ مساء، لا زال إلى اليوم لا يعرفُ ما يريدُ! يبحثُ عن الحِنَّاء والسُّمَّاق، وزيت الحبَّة الخضراء ودروعٍ مناسبةٍ لجائزة الحرمان.
تزايدت شكاوى طلبة البعثات في إقليم كردستان مؤخراً بسبب تأخير صرف استحقاقات الجامعات الأجنبية ومخصصاتهم الشهرية، حتى أنَّ وزير التعليم العالي والبحث العلمي في إقليم كردستان قد شدَّدَ شفوياً وتحريرياً على عدم تأخير صرف مستحقات طلبة بعثات الجامعات الأجنبية أكثر من أربعة شهور بسبب ظروفهم المعيشية والتزاماتهم القانونية، فمستقبل الطلبة مستقبلنا. لكنَّ التأخير وصل إلى درجة أنَّ بعض الطلبة في أوربا تم غلق حساباتهم وأجبروا على توقيع تعهدات بدفع المبالغ المستحقة مع الغرامات ويتعرضون إلى ضغوط نفسية كبيرة بسبب هذا النظام القاسي وظلمُ ذوي القربى أشدُّ على الطالب من......
طلبة آخرون تقدموا بطلبات إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كي توجِّه خطابات رسمية إلى جامعاتهم الأجبينة لتوضيح أسباب التأخير، لربما تتوقف أو تخفُّ الضغوط عليهم. وَيُذكرُ أنَّ أحد وزراء الإقليم في زيارة شبه رسمية لإحدى جامعات بريطانيا تمت مواجته بأسئلة محرجة عن سبب تأخير طلبة الإقليم دفع مستحقاتهم.