دارا كوردو : "فدرلة سوريا"....الخيار الأمثل.
الى هيثم المالح وعبد الحليم خدام، عدنان العرعور..وآخرون" على أنه"مطلبٌ كرديّ"يدعوا للإنفصال وليس مصطلحٌ عالميّ معاصرٌ إتحاديّ في ماهيته!، بقولهم بين:"نعم/لا نسمح بفيدرالية كردية في سوريا"كأنّ هناك دولاً كردية داخل سوريا وهي بصدد تشكيل كيانٍ إتحاديّ،أوأنّهناك دولة كردية كبيرة قائمة مثل الإتحاد السوفياتي أو الهند سابقاً!، وهي بصدد تفكيكنفسها الى عدة دويلات إدارياًوأقاليم اتحادية!، بهذا اللغط والتشويه المتعمد في أراء ثلة من السياسيين"القوميين" بربط الفيدرالية بال"كُرد"، هي إهانة لشعبٍ مسالم وتشويهٌ لمصطلحٍ مطبّق ومتداول بشكلٍ كبيرفي الفكر السياسي المعاصر،محاولة منهم بإستغراب وإنكار حق الشعب الكردي وتمريره بلغط متعمد داعمين بآرائهم لبناء رأي سوريٍّ عام مبنيّومسند على رأي سياسي أكثر مما هو مبني على شيئ واقعيعن هذا المصطلح في عدة نقاطه.
- أولاً: المطلب الفيدرالي هومطلب اتحادي وليس"انفصالي، تقسيمي،بل يدعوا لتحسين وتجويد أداء الكيان الموحد وليس خراباً وهدراً للثروة الوطنية،فيجب أن يتشارك كل المكونات السورية"العرقية،المذهبية"في بناء دستورٍ يضمن حقوقهم ويحدد واجباتهم تجاه الدولة الإتحادية وتجاه بعضهم البعض،كي تبقى سوريا موحدة"الجمهورية السورية الإتحادية أوالفيدرالية"كما يحلم بها الجميع على مبدأ تعايش سلمي مشترك لكافة الأقليات السورية وتحقيق عدالة جماعية متجاوزين بها إشكاليةالتسمية"العروبية"لسوريا،فالتسمية في الدولة الفيدرالية تعتمد على نظام أوأنظمة الحكم السابقة،"الجمهورية المتحدة"(العراق،فرنسا)،الجمهورية الفيدرالية(برازيل)،الولايات المتحدة (أمريكا)،"المملكة-الإمارة المتحدة"(ليبيا- بريطانيا- الإمارات العربية).
-ثانياً:"الفيدرالية"كمصطلح، مفهومٌ ديناميكيّعلى الصعيدين(الداخلي والخارجي)متعدّدٌ، عائمٌ، مفتوح،كنظام سياسي إداري يعتمد على مبدأ فصل السلطات الثلاث "التنفيذية، التشريعية، القضائية" يلائم أية دولة ليعطي نوعاً مميزاً من الديمقراطية الممثلة حسب جغرافيتها الإقليمية وتوزعها الديمغرافي المصطفّ"قومياً، عرقياً، مذهبياً"ويُعبر عن حالة إتحاد بين طرفين أوأكثر،والإنتقال بها من دولة بسيطة الى دولة مركبة"إتحادية"أوحالة تفككٍلدولة كبيرة الى دويلات إتحادية، بتوسيع إدارات كل إقليم ليدير نفسه بنفسه تحت المظلة السيادية للدولة الإتحاديةوالتي تتنازل عن جزء من مهامهادون صلاحياتها الى الأقاليم،وإحتفاظها بكل صلاحياتها السياسية تجاه الخارج والسياسة الإقتصادية تجاه الداخل وبعض الأمور الرئيسية، الجمارك والتجنيس وما الى ذلك، فكلّإقليم يتمتع بحكمٍ فيدراليّأرقىمن الحكم الذاتيّ المفردبموجب كِتاب دستوري يُخضِع الحكومات المحلية للسلطة المركزية،والعكس يعني نقصاًلسيادة الدولة الاتحادية على الصعيد الداخلي مقارنة بباقي الأقاليم وأيضاً على الصعيد الخارجي.
-ثالثاً: وبالنتيجة عن لفّ المصطلح بغُبن من الأعلاه ذِكرهم، ثمة خلط شديد في الأوساط السورية العامة بين النظام الحكم"الفيدرالي"كغطاء شامل لآلية عمل الحكومات المركزية والمحلية وبين"اللامركزية"كعلاقة التي تربط المكونات،مقاطعات، الأقاليم، الكانتونات، الولايات، الإمارات، بالحكومة المركزية، والتقسيم والإنفصال، حيث يمكن للنظام الحكم أن يكون لامركزياً دون أن تكون الدولة فيدرالية كما كانت سوريا أثناء الانتداب الفرنسي عام1920"اتحاد دويلات السورية،بشكل طائفي وغير مطبق على جميع المكونات السورية، إنما فقط إقتصر على الدُروز والعلوية"فهي ليست تقسيماأو انفصال أونقص من سيادة الدولة، ولا تستدعي اتهامها بالخيانة وما شابه، وكلما كانت درجة المرونة بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية قوية كان النظام الفيدرالي أكثر لامركزية والعكس صحيح.بالإضافة، فهو مفهوم قديم وحديث إنتشر بكثرة وتم تداوله أول مرة في التاريخ المعاصر في أمريكا عام1973 بمؤتمر فلاديلفيا، وثلث بلدان العالم "الأوّل" المتقدم يُطبق هذا النوع من نظام الحكم،و أرقى صورهتتبعهسويسرا بعدأن عانت حرباً أهليةبين البروتستانت والكاثوليك.
-رابعاً: عندما يتحدثون عن الفيدراليةفي سوريا بصكٍ كرديّ ويشيدون بالنموذج العراقي و يسقّطون تلك التجرية على الواقع السوري"يقعون في خطأ كبير فيناهضون ويسعون الى إجهاض نظام حكمٍ لم يولد بعد، النموذج العراقي الفريد الغير المكتمل، لا يمكن أن يكون مثالاً يحتذى به في ظل الأنظمة والأمثلة العريقة والمشيدة بالنظم الفيدرالية"الهند،سويسرا، أمريكا، الإمارات العربية...إلخ" فإن ضعف وهشاشة الحكومة المركزية العراقية وارتباطها بإيران أعطى حقاًشرعياًلكل إقليم(سني، تركماني، كردي)أن ينظر الى قضاياه من منظوره الخاص مثلما ترى الحكومة المركزية المسيطر عليها من قبل الشيعة، والنجاحات المتميزة لحكومة إقليم كردستان العراقجعلتها تبدو كدولة داخل دولة، وهذا ما يعطي إنطباع سيئ عن الحكومة المركزية كفرد دولي ضعيف،منقسم، منقوص السيادة مقارنة بباقي التجارب العالمية، ليس لإقليم كردستان العراق ذنب بهذا الشيئ، و ليس بالضرورة أن يكون وضع الكرد في سورياكما هو الحال في النموذج العراقي،وتنبني اللامركزية لا يعني حق تقرير المصير لمكون"الكردي وحده" بقدر ما هو حق تقرير لمصير سوريا،على شاكلة أخوانهم في العراق ولا يجب أن يكون هناك هواجس آنية جاهزة لدى السياسين، بأنّ الكرد في سوريا لديهم قابلية الإندماج مع إخوانهم في دول الجوار لعدة أسباب، تتعلق بمصالح كل إقليمكردي مع حكومات دول الجوار"تركيا، إيران، العراق، سوريا"وهي حقيقة ذكرها رئيس حكومة إقليم كردستان العراق أكثر من مرة،بأنّ مصالح دول الجوار مع حكومة إقليم كردستان العراق تُبقي الحالة الكردية وتوازناتها في المنطقة مستقرةً بشكلٍ أكثر فيما لو كانت حكومة إقليم في حالة شراكة مع باقي الأقاليم الكردية المجاورة.
- خامساً: هناك واقع يجعل من الفيدرالية كنظام ضرورة، عندما يقوم نظام حكمٍ مابتهميش بعض أقاليمه على حساب الآخرين منها، وبوجود تنافس حساس بين مكوناتهفيما يخص جغرافيا،تاريخ أوقوميةفي إدارة سيئة لأزمتهم أوللبلد بشكل غير متوزان"يقود بالشعب الى ثورة أوحرب أهلية"مثلماإهتم النظام السوري سابقاً بالساحل،الخاص بمكونٍ واحد وتهميشالأقاليم الشرقية الجنوبية والشمالية، الغنية بالموارد الطبيعية، ونصب لكل مكوِّنٍ مكوَّناً آخر مضادِ له لصهر الثقافات الأصلية،حيث لايزال نتائج هذه الممارسات الموقوتة،المكبوتة لم تنفجر بعد، قد تؤدي الى حروب ونزاعات أهلية بين المكونات السورية،التي بالنهاية سترى بأنّها مضطرة على تطبيق نظام فيدرالي كما حدث في كل دولة التي قامت بفدرلة نفسها بعد نزاعاتٍ وحروبٍ أهلية(الولايات المتحدة الأمريكية عام 1787 والاتحاد السويسري 1874 وجمهورية ألمانيا الاتحادية 1949 المكسيك 1857والأرجنتين 1860والبرازيل 1891 وتشيكوسلوفاكيا سنة 1969...على سبيل مثال لا حصر.
- فالأوساط السياسية السورية بكل مكونات المعارِضة مطالبة ببذل مزيد من الجهد في إقامة مؤتمرات وندوات ثقافيةلنخب المفكرة الداعية للفيدرالية،كي تقرّب صورة هذا الشكل من الحكم للجمهور وتشكّل لديهم قناعة واعية وكافية بمدى إمكانية تطبيقه في سوريا وإشاعة التعددية السياسية والمشاركة الحقيقية والفاعلةفي كيفية تقرير مصيره كنظام حكمٍ مناسبٍ له.
- خلاصة القول، لقد كان مطلب الفيدرالية عراقياً طلباً كردياً بعد غزو العراق للكويت عام1992،ها هو يتكرر في سوريا على يد الكرد ثانيةً مطالبين بضرورة أن تبقى سوريا دولةمعاصرة اتحادية بعيدة عن شبح التقسيم ويرفضون نظاماً شمولياً قد يأتي على أنقاض نظام الأسد المركزي الشمولي "كأقصى تعبيرٍ معارضٍ منهم" لذافما على الحكومة المركزيةسوى أن تُشعر السوريين جميعاً بأنهم متساوون حقيقةً في الحقوق والواجبات.وأخيراً(كلمة لا بدّ منها، "الإنهيار الذي تشهده الدولة القطرية المحكومة بأنظمة شمولية في الشرق الأوسط لا يعوّض أو يعاد بنائها إلا بنظام ديمقراطي تشترك فيه كل المكونات في بناء الدولة الجديدة القائمة على أنقاض الانظمة الشمولية التي يستحيل أن تكون نظاماً مستقبلياً بعد هذا الكم من الفساد والعبث والقتل لكافة المكونات، وعلى أساس تعددي سياسي ومبدأ التعايش السلمي المشترك لجميع المكونات، فكيف يمكن لنظام شمولي أن يحكم العلمانّي والسلفيّ والعلويّ والسمعوليّ والدرذيّ والكرديّ والتركمانيّ وآثوريّ الأرمنيّ..."؟!.فلماذا تتهمون مَن يدعوا الى بناء كيان إتحادي بال"خيانة"، ترفضون الفيدرالية، "ترفضون السلطة واللاسلطة"، عجبي ماذا تريدون إذاً؟!").
*أهدي هذا المقال
الى كل إنسانٍ مؤمنٍ بثقافة التعايشالسلمي.
دارا كوردو- كوردي سوري