• Monday, 23 December 2024
logo

الحوار العراقي بحاجة الى لغة سياسية مشتركة لا عواطف جياشة..........مصطفى الكاظمي

الحوار العراقي بحاجة الى لغة سياسية مشتركة لا عواطف جياشة..........مصطفى الكاظمي
زيارة وفد يمثل "التحالف الوطني" العراقي الى اقليم كردستان ولقاء رئيس الاقليم مسعود بارزاني، اعتبر على نطاق واسع خطوة باتجاه حل الازمات المتراكمة خصوصاً تلك التي تتصاعد بين الحكومة في بغداد واقليم كردستان العراق.

لكن الزيارات المتبادلة واستعادة اجواء الحوار بديلاً عن النبرة المتشنجة، ليس كل الحل، وانما هو فقط طريق الى حل يتطلب بالدرجة الاساس فهم مشترك للاليات والمسارات التي يمكن تكسر الجليد بين الاطراف العراقية.

ما يجبر المراقبين على عدم الاندفاع الى التفاؤل، ان مثل تلك الزيارات تكررت خلال العامين الماضيين، وفي كل مرة تعود الازمة الى نقطة الصفر مايشير الى خلل في اليات ادارة الحوار ومنطلقاته.

بين شيعة العراق واكراده تاريخاً طويلاً من العلاقات والتفاهمات المشتركة يعبر عنها الطرفان بشكل دائم، كما انهما يجددان في كل مرة امنيات باستعادة التحالف الشيعي – الكردي الذي قاد الدولة عملياً منذ العام 2003 وحتى بداية العام 2011.

والامنيات وحدها لا تقود الى حلول، خصوصاً عندما يتحدث الطرفان بلغتين مختلفتين تماماً.

الوفود التي تمثل "التحالف الوطني" الى اقليم كردستان تطرح في الغالب افكار عامة، تتحدث احياناً بعاطفة عن عمق العلاقات بين الجانبين، وتبدي استعداداً لتشكيل لجان لبحث المشاكل، فيما يطرح الجانب الكردي افكار محددة يتعلق معظمها باتفاقات ابرمت بين الجانبين او على المستوى العراقي عموماً، وبنصوص دستورية لم تطبق، او اجراءات حكومية يعتقدها الاقليم تجاوزاً على حقوقه.

تلك لغتان متباينتان، فـ "التحالف الوطني" يبدي استعداده لابرام اتفاقات جديدة، فيما الجانب الكردي يصر على تطبيق الاتفاقات السابقة.

سياسي محنك ومؤثر مثل رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، لاينظر الى الامور من الزاوية نفسها التي تنظر منها وفود الحكومة، فهو يتعامل مع الاتفاقات باعتبارها التزامات، وهو يتمسك بالثوابت المتفق عليها باعتبارها لاتخضع الى مفاوضات جديدة.

تعود وفود الحكومة الى بغداد محملة في الغالب بانطباع عن تشدد بارزاني حول القضايا الخلافية، ويقول بارزاني في المقابل انه لم يكن متشدداً وانما ملتزماً باتفاقات موجودة وفاعلة وبضمنها اتفاق اربيل الذي تشكلت على اساسه الحكومة الحالية العام 2010.

ما لايفهمه المفاوضون الحكوميون عن بارزاني ان الرجل يتعامل مع السياسة بمسؤولية كبيرة، ويبدي تنازلات عندما يتعلق الامر بصيغ توافق مقبولة، لكن اعراف السياسة لاتقبل التنازلات عندما يتعلق الامر باتفاقات مكتوبة شكلت طوال السنوات الماضية اطاراً لادارة العراق.

بالطبع ليس هناك مقدس على مستوى السياسة او في الاتفاقات، لكن مايجعل كل الافكار متاحة للنقاش والتفاوض هو الثقة المتبادلة بين الاطراف، وهذا مالم يلمسه بارزاني حتى اليوم لدى مفاوضيه.

على الحكومة العراقية ومن خلفها الاطراف الشيعية الفاعلة ان تغير باستمرار زوايا نظرها الى الازمات، وبالتالي تغير اليات الحوار مع الاطراف الاخرى، فالتمسك بزاوية نظر واحدة من دون النظر الى جوهر الاتفاقات السابقة والبحث عن اليات لتنفيذها في اتفاقات جديدة، لن يقود الى نتيجة ملموسة.
Top