وليد فارس : الثورة ضد أكبر نظام قمعي لا تعفينا من أن نعود للكبار
كله صغيراً أمام همم الثائرين, لا يخفى على أحد أنه رغم كل الثقة بالنفس التي حصل عليها الثوار ورغم كل الروح المعنوية إلا أن الأمر حمل في طياته بعض المثالب-أقصد أن يكون الجميع صغار أممنا- كان أهمها:
أن من ثار على بشار لا يقف أمامه أحد فبدء الكبار يتساقطون أمام أفعال الثوار الكبيرة حقاً وعظمة العمل الذي قاموا به.
صار لا يقف أمامنا كبير ولا صغير مهما كان حجمه وأولهم الناس اللذين في صفنا ويعملون معنا, أغلب الثوار نسفوا الجميع وطارت من أمامهم مقامات ورؤوس العقلاء والحكماء والمشايخ والأساتذة والخبراء...لقد استوعب هؤلاء -لحكماء- الجميع وأثبت أغلبهم أنهم كبار بالفعل واستطاعوا أن يقدموا لنا الكثير على الرغم من الظرف الذي يمرون به أمام الثوار.
الحقيقة أننا كثوار نمر بفترة فيها الكثير من التشويش والضياع ونتمنى بل نبحث عن دليل يرشدنا الطريق وبشكل أسرع مما نفعل, في العمل العسكري وفي العمل الثوري وفي الأعمال الاجتماعية كافة وفي الجوانب السياسية والإعلامية والطبية والشرعية والفنية... في كل الأمور اليوم نحتاج لكبير..نحتاج لخبير..نحتاج لشخص يعطينا من خبرته ومن تجربة حياته خاصة وأن الأمر يترتب عليه مصير بلد ويترتب عليه أرواح ناس.
أخوتي الثوار اليوم جميعنا محتاجين لكبار نستند عليهم ونعود لننهل من خبرتهم ومن تجربتهم ونستقوي بهم – بعد الله عز وجل- على أعمالنا اليومية, لا تحسبوا أن الأمر بسيط بل هو عظيم وتوفيق كبير أن يكون عندنا شخصيات قيادية نعود لها في قضايانا, جربوا الأمر تجدوا له متعة خاصة وتشعرون بأنكم جزء من كل وأنكم تعملون ضمن فريق -وليس كل من على هواه- تشعر بمتعة العمل الجماعي وبأهمية أخوتك الثوار مهما كان دورهم, الكبار ينظمون لك العمل, يكون لك فيه دور واضح وللآخرين دور واضح لا تختلط الأمور ولا تتضارب الصلاحيات وتقل الخلافات وحتى إن وجدت تعود فيها لأهل الخبرة وتسلم بما يقولون وتطمئن لأنهم يتكلمون عن خبرة وعن تجربة.
حرصنا أن تكون ثورتنا بأيدي أمينة هو مايدفعنا للتمرد على الجميع نعم هذا صحيح..لكن اليوم بعد عامين من الثورة ظهر الناس وعرفت المعادن وبدأنا نميز المتسلقين من المخلصين وعرفنا من معنا ومن مع نفسه, فقط ألتفت حولك أين ماكنت تجد الكثير من المخلصين الكبار خبرة أو تجربة أو علماً تستطيع أن تطمئن لهم وتلجأ إليهم وقت الحاجة وتنظم العمل بشكل مميز وترى النتائج بسرعة.
في الرياضيات تعلمنا أن الواحد إذا أضيف له واحد يصبح اثنان...في الحياة العملية نجد أن جهد الواحد إذا أضيف له جهد أخر قد يعطي عشرة أو أكثر لأن الله عز وجل –بداية- مع الجماعة ويبارك في عملها ويدفع به نحو الأمام ويوفق المجتمعين على الخير...الناس تحب العمل الجماعي بطبيعتها وتكره أن تكون وحدها هذه الأمور فطرية في أي مجتمع والتنظيم أمر محبب لنفس كل إنسان مهما كان وأين كان مجاله.
الثورة جعلت من الثوار كلهم كبار هذا صحيح فما نراه من عظمة الثوار لم نكن نتوقع ولم نقرأ عن أغلبه حتى في القصص, وقد أفرزت الثورة رجال حقيقيين وأخذوا بجدارة شهادات تخرج من أعظم جامعات الحياة من خلالها...وهذا أيضاً يعطيهم الأحقية بأن يكون لهم كبار أو قادة يعودون لهم وينظمون من خلالهم أعمالهم اليومية والمستقبلية هذا حق أخر يجب أن ننتزعه ونركن إليه بأسرع وقت لأهميته وضرورته.
حمص المحاصرة, وليد فارس, 14-3-2013