البارزاني في موسكو......................كفاح محمود كريم
منعه فيها من الوصول إلى موسكو رجل السوفييت المثير ستالين، حتى توفى وتقلد خروتشوف تاج الكرملين التي فتحت أبوابها للزعيم الكوردي مصطفى البارزاني القادم من جحيم العنصرية والرجعية والفاشية إلى فضاءات الحرية والتقدمية والاشتراكية!
بعد قتال مرير على الحدود الإيرانية السوفياتية بينه وبين ملاحقيه من جند شاه ايران نجح في الدخول الى أراضي الدولة الاشتراكية الأولى في العالم كما ذكرت إذاعة لندن يومها:
" في 17/6/1947 حيث وقعت مصادمة عظيمة بين قوات ايران النظامية والأكراد بالقرب من الحدود الروسية وتمكن القائد الكوردي الملا مصطفى البارزاني مع أتباعه البالغ عددهم أكثر من (500) مقاتل من العبور الى الحدود الروسية."
وخلال سنوات مريرة امتدت من هذا اليوم وحتى وصوله الى العاصمة موسكو مطلع 1954م عاش زعيم الكورد وكوردستان ورفاقه أياما قاسية تحت ظلال دكتاتورية ستالين، التي تخلت عن أول جمهورية كوردية لتقاتل وحدها إمبراطورية طاغية، ثم سحقت كوردستانها الحمراء في الاتحاد السوفياتي، وحاولت صهر وإذابة الزعيم البارزاني ورفاقه في بوتقة شيوعية ستالين التي فشلت في استمالته عقائديا ونجحت في إبعاده ما يقرب من ست سنوات من الوصول إلى عاصمة الثلوج موسكو!
في مطلع 1954م طرق البارزاني الأول بوابات موسكو الحديدية واخترق الكرملين بصرخات كاوه الحداد وهو يحمل الى قادة التحرر العالمي ملف كوردستان وشعبها ومستقبل المئات من رفاقه الذين شتتهم ستالين وقطع أوصالهم كما قطعت أوصال كوردستان، ليوزعهم على جمهوريات السوفييت ومدنها ويحرمهم من ابسط حقوقهم في التعلم والقبول في الجامعات والمعاهد وحرية التنقل والعمل.
كان خروتشوف ينصت بعمق الى البارزاني مصطفى، وأدرك ثقل ما اقترفه ستالين وأجهزته بحق ثوار كوردستان، فاصدر تعليماته برفع كل أنواع الضغط عنهم ومنحهم حرية العمل والتنقل والتعليم في الجامعات والمعاهد المدنية والعسكرية، حيث هيأ البارزاني قائمة بأسماء (104) من الشباب لإدخالهم في جامعات (بيلا روسيا)، كما أدخل عدد آخر من الشباب في جامعة طشقند، وهكذا رفعت كل القيود عن البارزانيين ومنحوا كامل الحرية في التنقل والعمل، أما هو فقد سكن بدار في موسكو قرب شارع (توفوملوبودسكايا)، والذي حضر الرئيس بارزاني حفل افتتاحه اليوم بعد أكثر من نصف قرن، حيث تحول الى رمزٍ آخر و شاهد على حقبة مهمة من تاريخ شعب كوردستان وقادته.
اليوم لا يشبه الأمس، بالعكس مما اعتدنا على سماعه " ما أشبه اليوم بالبارحة "، يحط رئيس كوردستان مسعود بارزاني بعد أكثر من نصف قرن على وصول زعيمها الأول، بأقل من أربع ساعات بعد أن قطع والده المسافة إلى قلب موسكو بسنوات طويلة، موسكو حيث كثرت فيها الألوان اليوم بعد أن كانت في الأمس لونا أوحدا، موسكو التي دعا زعيمها الكرمليني فلاديمير بوتين، زعيم كوردستان حامل مفاتيح بوابات الوطن المعافى والذي حمله البارزاني الكبير ذات يوم مجروحا الى هناك، بوابة الإقليم الأكثر أمنا وسلاما وتطورا في بحر متلاطم من القيل والقال وبئس الأفعال، بوابة كوردستان الاقتصادية التي سيطل منها الدب الروسي الملون على ارض الرافدين والخليج، بما فيهم من انواع الطاقة في الكهرباء والغاز والبترول، وشعب معفر بالوفاء وتواق للتقدم والبناء والسلام.