بغداد في عيون ميسان...............فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة الاتحادية
واخرى تأتلف معها فتفارقها لتلفت اليها وتبقى في الذاكرة، ثمة مدن لاتتطبع معها ولا تعشقها واخرى تحبها وكما يقال من النظرة الاولى.
وانا اعتقد وبدون مجاملة ان ميسان هي المدينة التي تتفق مع النوع الثاني التي تبقى ولاتندثر وتحبها وتتآلف معها وتظل تحترق، اذ ان ميسان الجميلة تنبثق من جديد بعمرانها ومشاريعها حتى لاتكون مدينة الرماد.
ثمة مدن تُشيّع يوميا مبدعيها بصمت واخرى تشعل اصابعها العشرة شموعا لولادة قصيدة أو رواية، لذلك فأن ميسان واقع جميل وهذا شأن ابناء الحضارة دائما فثمة مدينة أو منطقة أو بقعة على الكرة الارضية تنطلق بالآخرين إلى الأمام.
وميسان بقعة ظلت حاضنة للفكر والادب والفن وعلى ضفافها اينعت ثمار الابداع وارتفعت الاشجار الوارفة الظلال للعطاء الانساني.
خلال زيارتين لنا إلى ميسان المحبة والجمال اكتشفنا كم هي غنية بالتراث وكم هي تواقة ليس للعمران وانما ايضا لاعمار الذاكرة وتنمية المشهد الثقافي وتزيينه بالقصيدة واللوحة والاغنية والشعر الشعبي العذب واللحن والكلمة المضيئة. كان ذلك حين حضرنا إلى مهرجان (الكميت) الشعري الذي تميز بالتنظيم الانيق والاختيارات الموفقة للقصائد الملقاة والتعاون الوثيق بين البيت الثقافي وفرع الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين والسيد المحافظ من اجل انجاز جماعي بعيد عن الفردية.
وفي الفترة 14-16/2/2013 كنا على موعد آخر للحب والعناق مع العمارة وبالذات في يوم الحب حيث دعانا مجلس المحافظة إلى احتفالية بالمناسبة لاعلان الحب كرسالة موجهة للجميع، فكان للحن والقصيدة والبسمة والعناق حضور والقينا فيها كلمة بعنوان (كل الحب..ليوم الحب) وفي اليوم التالي كانت ندوة حول بغداد عاصمة الثقافة العربية لتسليط الضوء على هذا المشروع الحيوي الذي يهدف إلى جعل الخطاب الثقافي في الصدارة. ثم كان اللقاء الشعري والقراءات الشعرية. ولاننا حضرنا المدينة في اجواء يوم الحب فقد ارتأينا القاء قصائد تتغنى بالعشق الانساني من آخر ديوانين صدرا لنا وهما (امرأة من رماد) و(بريد الفرح).
ولاننا في ميسان فان مواعيد الثقافة تزدحم وهذا شيء يبعث على التفاؤل حيث دعانا ملتقى الثقافة والفنون التابع لوزارة الرياضة والشباب إلى لقاء مع نخبة رائعة من الشباب المشبع بعشق الفن، فتجولنا بين اللوحات التشكيلية ثم حضرنا (اوبريت) غنائي وقصائد شعر شعبي تدخل القلب دون استئذان. وهنا انفتحت قريحة الزميل (صباح السيلاوي) على فكرة جميلة تتوخى العناق بين ميسان وبغداد فاقترح اقامة مهرجان (بغداد في عيون ميسان) يضم مسرحيات واوبريت وفن تشكيلي لعله يمسح شيئا من الاغتراب بين المدينتين ويشكل مساهمة لاهل ميسان في عرس بغداد العاصمة الثقافية هذا العام. اما المجلس الشعبي لدعم الثقافة فقد عمّر المركز الثقافي بالالوان وبحشد من المثقفين يوم 16/2 لاقامة مهرجان (خيال) لقصيدة الشعر الشعبي الحديث حيث القى عشرة شعراء من مختلف محافظات الوطن حكايات حبهم وهمومهم واشواقهم على الجمهور.
انها اذن ميسان تأتلف معها وتحبها عمدا مع سبق الاصرار والترصد وتتوق لزيارتها مجددا لان للشعر هناك نهر يفيض على مدار العام وللحن فضاءات لاتنتهي وللبراعم الجديدة التي تتفتح بشائر تجعلك تتحسر وانت تغادرها.
هنيئا لمثقفي ميسان لرجالها ونسائها ولمبدعيها الذين اصبحوا الربيع الدائم في المشهد الثقافي العراقي.