• Monday, 23 December 2024
logo

كل الحُبْ.....ليـــــــومِ الحُــــــــبْ...............فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة

كل الحُبْ.....ليـــــــومِ الحُــــــــبْ...............فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة
الحُبْ... علة الوجود والغاية القصوى من الحياة وهو الذي يطغى فنرضى، ويغلب فنخضع، ويحتلنا فنقول له على الرحب والسعة، فكل ايامنا وليالينا مكرسة له لان افتقاده لحظة واحدة يعني خسارة لحظة من العمر.

الحُبْ... لولاه لما كان للأدب معنى ولا كان للفن موضوع. فمنذ أول تنهيدة لأول إنسان على الكرة الأرضية والى اليوم و الحُبْ هو الحاضر الأخضر في كل التراث الإنساني الفكري والأدبي والموسيقي والغنائي والتشكيلي للبشر. كلما احترقنا به نزداد ولعاً بالجمر، وكلما غرقنا في أنهاره ازددنا إمعاناً في البقاء على سواحله، وكلما زارنا مرة نتوق إلى لقاءٍ آخر يكون أحرّ وأجمل وأنقى من الأول. هو التكرار الذي لا يفرز الملل وهو الضيف الذي لا يصبح ثقيلاً مهما طال أمد بقائه، وهو قنديلٌ أخضر نتوق أن يشتعل أبداً في عواطفنا وفي قلوبنا، فلا يتحول إلى رماد أو دخان وإنما نوقع معه عقداً للنار الأزلية.
كُتبت عنه قصائد وروايات وأغاني إلى حد لامتناهي، ورُسمت له ملايين اللوحات وقيل عنه ملايين ملايين الأمثال والأقوال التي تحلله وتشرحه وتغرينا أبداً بالإغتراف منه، والكتب التي نطقت بإسمه تكاد تغلف الكرة الأرضية، ولكنه يبقى كما قال الفنان المبدع (وديع الصافي):
الحُب...هالحرفين مُش أكثر
الي بيطلعوا بحجم الدنيا واكبر
وعليهن أساس الكون أتعمر
الحُبْ شعور واشتعال يبلغ بنا درجة الاتقاد فجأة فنكتب ونغني ونبكي ونفرح ونمشي دون سيقان ونلوح بالقلب بدلاً من الأيدي وتنفتح كل مسامات جلدنا على نكهة مطلع الربيع حتى في عزّ الخريف. إنه ببساطة هبة إلهية بدونها نعتبر أمواتاً حتى لو طال بنا العمر، فالشجرة تثمر وتصبح وارفة الأغصان لأنها تعشق والسماء تمتلئ بغيض الماء لأنها تطمح إلى الخير والعصافير تبني الاعشاش وتزقزق طوال النهار لأنها تعيش قصة ولع وشوق إلى فضاءات زرقاء لامتناهية، والطيور تهاجر من ضفة إلى أُخرى ومن مدينة إلى أخرى وتقفز على النوافذ وفي الشوارع راسمة بذلك أغنية غزل مع الإنسان.
والشاعر لايكون شاعراً إلا إذا اعتنق الحُبْ، والفنان لايكون فناناً إلا حين يلحن أو يرسم أو ينحت أو يغني أو يرقص على انغام قصة حُبٍ للإنسان وللأرض وللحياة.
والسؤال هو: اذا كان الأمر كذلك، فلماذا نخصص يوماً واحداً للحُبْ والمفروض ان كل ايام السنة هي للحُبْ ولأجل الحُبْ؟
ربما لان المشاغل اليومية وغبار تفاصيل العمل وتراكمات الأيام تنسينا ممارسة طقوس الحُبْ لله وللخلق، فيأتي يوم 14/شباط ليقرع جرس الإنذار ويهدينا وردة حمراء وقارورة عطر وابتسامة يانعة من كل من نحبهم في البيت والعمل والمدرسة والجامعة والمعمل فنستعيد عنفوان الحياة مجدداً ونستمر في العطاء.
ان يوم 14/شباط من كل عام نداء إضافي للتصالح والتسامح والانفتاح على الآخر وضمّه وتقبيله كدليل ان لاشيء في الحياة يستحق المقاطعة ولا شيء فيها يمكن أن ينسف جسور التواصل بين بني البشر نساءاً ورجالاً.
ومني في هذا اليوم قبلة ساخنة لكل من أحبني ولكل من أساء فهمي يوماً ما، ولكل من ابتعد عني ليقترب ولكل من غادرني ليعود، ولكل من أدمن الفراق ليحدد مجدداً موعداً للوصال واللقاء. انه اليوم الذي نستنطق فيه قبور أحبتنا لنقول لهم أهلاً بكم في القلب أبداً فالموت غيَّبكم لكنه استحضركم الى الذاكرة.
هكذا هو يوم 14/شباط اعلان عام وشامل لكي تأتلف كل القلوب على موعد الحب والعناق.
Top