حكومة القيل والقال؟......................كفاح محمود كريم
وحتى يومنا هذا، وهما في دوامة القيل والقال وقلة الأفعال والأعمال، قياسا ومقارنة مع ما صرفوه من تصريحات ومؤتمرات صحفية وتنابز وتهاجم وتشهير واتهامات ووعود لا أول لها ولا آخر، إلا ما رأيناه في فضائح الإمطار وما تكرمت به علينا السماء بعد سنين من الجدب والجفاف، حيث كشفت تلك الأمطار عورات الحكومة، كما كشفت مظاهرات الانبار والموصل عورات مجلس النواب وثرثرة الكثير من أعضائه في الوعود المخدرة للأهالي قبل وبعد وصولهم إلى قبة الامتيازات وتحقيق المصالح باسم الغلابة من هذا الشعب العجب.
ومنذ بداية الأزمة الحكومية والتي بانت أعراضها بعد نيلها الثقة مباشرة سواء فيما بينها تارة لعدم تجانسها، أو بينها وبين الشعب تارة أخرى، حيث أظهرت فشلا ذريعا في إدارة الحكم كما هي في تنفيذ برامجها التي وعدت بها الشعب، ورغم كل شيء نجحت في تنظيم عشرات الأزمات والمؤتمرات والمناسبات لكي تكون ساحة للقيل والقال، وليس أدل على ذلك إلا ما نشاهده ونسمعه من تصنيع مثير للازمات مع الجميع دون استثناء، وها هي في بعض مؤتمرات العشائر التي يباركها رئيس الوزراء ويقود فيها سباق إلقاء الكلمات، والعجيب هذه الطواقم من مختصي القيل والقال الذين ينبرون بمناسبة وبدونها إلى إلقاء الخطب وعقد المؤتمرات الصحفية وبدأ نزالات القلقلة كما يقولون، وهم يتنازعون ويتنابزون ويتهاجمون فيما بينهم، ولا فائدة للمواطن والمواطنة من ( ثرم البصل ) كما يقولون إلا تلك الدموع التي تعكس نتانة الواقع ومأساة العيش الذي تحول تحت سقف هكذا حكومة وبرلمان إلى أسوء أنواع العيش في العالم كما تم توصيفه من قبل بعض منظمات الشفافية الدولية.
لقد تسلطت على بلادنا أنماط من النظم والحكومات اقل ما يقال عنها توصيفا أنها حكومات للشعارات والثرثرة واللافتات والمزايدات التي لم يجنِ منها الشعب إلا الكذب والدمار وتقهقر البلاد، حتى انهار ذلك النظام وسقطت البلاد برمتها تحت الاحتلال وما رافقه من إعمال إرهاب كادت أن تدمر ما أبقته الدكتاتورية من حفنة تراب كما كان يصفها رئيسها حينما ينافسونه على الحكم، واليوم وبعد كل ذلك الطوفان من الشعارات الكاذبة والثرثرة الفارغة والمزايدات الساذجة، تأملنا اننا اجتزنا تلك المرحلة البائسة في تاريخنا السياسي، وبدأنا مرحلة جديدة من الجدية والوضوح والبناء المتحضر لبلاد أدمنت الخراب وهي التي أنتجت أكثر أسس البناء والحضارة في تاريخها القديم، جاءت حكومتنا الرشيدة لكي تستنسخ كثير من تلك المظاهر في القيل والقال، ولم يعد لديها منذ سنوات إلا القلقلة التي تثير الرأي العام وتبعده عن حقيقة الأوضاع وتدهور الخدمات، بل وتنشر البلبلة وتهيج المشاعر، حتى تحول هذا النمط من السلوك إلى ابرز ما يميزها عن غيرها في افتعال الأزمات وصناعتها لديمومة القيل والقال، حيث تنبري طواقم إعلامها أو نوابها أو من يمثلها أو من ( يتلكلك لها ) إلى الدفاع عن هذا النمط من التعامل مع ما يحصل في البلاد من احتجاجات وتظاهرات، متعمدة في إثارة النعرات والإشكاليات والتهجم على هذا وذاك واتهامهم بشتى الأوصاف والنعوت، واستخدام التحايل والتهميش وكسب الوقت واستغلال الفرص، بدلا من وضع حلول وبرامج جدية لتخليص البلاد مما ورثته من تعقيدات حولتها إلى ما يشبه قطعة الزجاج في تركيبه.