شفكر : حلم الدولة الكوردية
مع أن الكورد أنفسهم كانوا بشكل أو بأخر السبب في عدم قيام الدولة الكوردية الى الآن, وذلك نتيجة التبعية والتمسك بالدين وبالعشيرة , لذا فكرة تشكيل دولة كوردية مستقلة لم يكن يشغل الوعي الكوردي أو هاجسه بل لم يكن مطروحاً بالأساس كضرورة أو حتى رغبة ثانوية، رغم ذلك حاول الكورد في إقامة إمارات متناثرة في إطارالدولة العثمانية، كإمارة البابانيين قرب السليمانية وإمارة أردلان وإمارة بوتان في كوردستان (تركيا الحالية)، ثم إقامة ولايات مثل ولاية شهرزور وعاصمتها كركوك الحالية وولاية الموصل وغيرهما، ورغم أن بعض الفرص المواتية تهيأت للكورد بعد الحرب العالمية الأولى لرسم ملامح دولتهم المستقلة، في إطار المعاهدات والتحالفات الدولية والإقليمية التي سادت وقتذاك
أن مفهوم الدولة الحديثة لم يكن قد ظهر أو وصلت أفكاره إلى المنطقة حتى نهايات القرن التاسع عشر، حيث بدأ الكثير من الدول في الظهوربالمنطقة وفق نظام حديث, وبعد أن وضعت الحرب العالمية اوزارها عام1918م وتم تقسيم تركة الرجل المريض/الدولة العثمانية/ تم تشكيل دول على اساس قومي وذلك حسب اتفاقية سايكس بيكو حيث تحكمت الدول العظمى في رسم خارطة المنطقة حسب أهوائها ومصالحها دون الرجوع ومعرفة رغبة سكان وشعوب المنطقة وكان الخاسر الأكبر هم الكورد , رغم أن الكورد شاركوا في مؤتمر الصلح في باريس1919م وحصلوا على أتفاقية سيفر التي نصت على اقامة دولة كوردية ولكن تم الالتفاف عليها بمعاهدة لوزان, ولأن الشعب الكوردي لا يرضى بالخنوع والخضوع كما هي صفات ابناء الجبال, فقد ثاروا عدة مرات على الانظمة والحكومات التي تسيطر على الأجزاء الأربعة من كوردستان ، الا أن الزعماء الكورد، وفي مقدمتهم شيخ سعيد بيران في كوردستان تركيا قاد ثورته عام 1925 من " بالو " وطالب بتأسيس دولة كوردية ولكنه لم يفلح وألقي القبض عليه وأعدم على أيدي السلطات التركية , ومن بعده الشيخ محمود الحفيد، اكتفى بإقامة مملكته الصغيرة في السليمانية، والتي لم تدم طويلا، وانهارت سريعاً بعد حرب دامية مع قوات الاحتلال البريطاني التي قضت على الإمبراطورية العثمانية في المنطقة وكل الكيانات المتحالفة ، وهكذا انهارت أول دويلة كوردية مستقلة إثر اصطدامها بواقع التقسيمات السياسية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، فحدث أن حصل الأتراك على دولتهم، فيما ظل الكورد بلا كيان سياسي مستقل بل وتوزعوا على أربعة من بلدان المنطقة وهي تركيا وإيران والعراق وسورية ، ثم تبعتها محاولات أخرى لتأسيس الدولة الكوردية مثل جمهورية «مهاباد» التي أسسها قاضي محمد في كوردستان الإيرانية عام 1946 والتي دامت 11 شهرا، وتتالت الثورات الكوردية خاصة في جنوب كوردستان وشمالها ورغم الأختلاف في الأيديولوجيا الثورية ما بين الثورة في جنوب كوردستان/ثورة البيشمركه ـ ثورة كوردستان يان نمان التي نادى بها البارزاني الخالد/ والثورة في شمال كوردستان /حرب الكريلا/ ألا أن الهدف واحد وهو " كوردستان " واليوم يبدو أن حلم الدولة الكوردية يقترب ويدنوا أكثر فأكثر من باب الواقع خاصة بعد حصول القسم الجنوبي من كوردستان على الفيدرالية وهي بحكم المستقلة فعليا" عن العراق
وبعد حصول تسونامي الديمقراطية في المنطقة عبر ثورات الربيع في الشرق الأوسط بصورة عامة وفي سوريا وغرب كوردستان بصورة خاصة انتعشت الأمال بتحقيق الدولة المنشودة وهذا يعتبر اضعف الأيمان بالنسبة للدول العظمى وللمجتمع الدولي ولكي يعوضوا الشعب الكوردي عن كل سنين الظلم والمأسي والقهر والقتل والتهجير ...الخ , وأذا تحدث احدهم واعترض على هذا الشيء يقال بأن الكورد يريدون تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ومن هذا القبيل فهذه دعاية مللنا من سماعها خاصة من المثقفين العرب والترك وذلك لأن الكورد بتحقيقهم لدولة كوردستان بذلك يكون الكورد هم الرواد في تصحيح أخطاء خرائط سايكس بيكو
حاليا وبعد هذه التضحيات ومع الاسف ما زلنا نجد أن الكثير من المثقفين والساسة الكورد يطالبون بالحقوق الثقافية والأجتماعية والسياسية للكورد ضمن الدولة ، وذلك بأن تكون المناطق الكوردية ضمن الدول الأربعة/تركيا ايران سوريا العراق/ تتمتع بالحكم الذاتي او بالفيدرالية وهذا تحقق في القسم الجنوبي من كوردستان وأصبح باب الأستقلال عن العراق مفتوحا" امام جنوب كوردستان وهذا حق مشروع وطبيعي جدا" اما في غرب كوردستان فالكورد مازلوا ينتظرون افرازات الثورة السورية ونتائجها، فالساسة الكورد هنا بجلهم وخاصة بعد تأسيس المجلس الوطني الكوردي أصبحوا يطالبون بدولة أتحادية وذلك لأنتاج نمكوذج في غرب كوردستان يشبه الى حد ما نموذج جنوب كوردستان ، والمعطيات على الأرض تدل على ذلك ورغم وجود عقبات وخلافات ولكنها كلها قابلة للحل ضمن اطار رفع المصلحة الكوردية فوق كل المصالح الحزبية والشخصية , فاقامة اقليم كوردي في سوريا مرتبط بالجغرافيا في المقام الأول، بمعنى أن الأمر يتطلب أولا تحرير الرقعة الجغرافية الكوردية ليقام عليها الكيان المستقل