سوريا بدها كرامة !
كلما كشف العالم حجم جرائم نظام الأسد في حق شعبه، وهي مستمرة بشكل متواصل وتحصد بشكل يومي العشرات من القتلى والضحايا في كافة مناطق سوريا بلا استثناء، يستمر النظام في قدرته على إدهاش العالم بالتفوق على نفسه والقيام بفصول جديدة من الجرائم. فاليوم الأحداث المهينة التي تتعرض لها مخيمات اللاجئين السوريين، وهي تضم الآلاف من الأبرياء الذين تشردوا من بلادهم جراء الوحشية التي يقدم عليها نظام الأسد، بالإضافة إلى المهانة والعوز الذي يتعرض له من في هذه المخيمات، هناك «جواسيس» مزروعة من قبل نظام الأسد يقومون بعمليات تستهدف حرق بعض الخيام وقتل بعض الأشخاص وبالإيقاع بين البعض ومسؤولي الدول المستضيفة.
ولقد نجحوا في كل ذلك بأشكال مختلفة، هذا مع عدم إغفال الأحداث «الغامضة» التي تتسبب في مقتل البعض من اللاجئين في حوادث سيارات أو صدام غريب، وكلها تكون جرائم مقيدة ضد مجهول، ووكر إدارة هذه الأفعال القذرة هي السفارات السورية في هذه الدول المستضيفة للاجئين، وهي سفارات بالاسم فقط، إذ إن موظفي هذه السفارات هم في واقع الأمر ما هم سوى مجموعة من رجال أجهزة المخابرات السورية المعروفة بدمويتها ومتعاونين معهم ممن يطلق عليها مسمى «الشبيحة» البغيض، وهؤلاء المجاميع يتولون إهانة وضرب وسب المراجعين من المواطنين السوريين فيعطلون معاملاتهم وأوراقهم لابتزازهم بشتى الوسائل والطرق.
وليت المسألة تتوقف عند هذا الحد المزعج، ولكن تستمر لتشمل رسائل نصية قصيرة تصل إلى الهواتف الجوالة والبريد الإلكتروني لبعض الشخصيات المستهدفة من عامة الشعب، التي أعربت عن تأييدها للثورة وانتقادها لتصرفات النظام، فيقعون طبعا في الجرم الأعظم وهو الخروج من عبودية بشار الأسد ونظامه، وهي جريمة لا يمكن أن تغتفر، فيجند النظام مجموعة غير بسيطة من «زعرانه» الصغار ليحدثوا نوعا من «الوسوسة» الشيطانية في الأشخاص المستهدفين ليرعبوهم ويخيفوهم ويحذروهم من «هول» ما سيلاقونه إذا استمروا في «نقد» النظام وعدم تأييد الإصلاحات العظيمة التي يقوم بها للقضاء على «المجموعات الإرهابية المسلحة». النظام الأسدي يلاحق السوريين خارج حدود بلادهم ويعمل على إرعابهم وإذلالهم، تماما كما كان يفعل داخل القطر السوري نفسه، ويبدو أن ذلك الأمر هو جزء أساسي من الهندسة الوراثية الشيطانية التي تكون منها نظام حافظ الأسد وابنه ولا يمكن بالتالي أن يخرج منها أبدا.
السوريون في خارج بلادهم يعيشون كوابيس من الإذلال والرعب والقلق والخوف، والوشايات بينهم لا تنتهي ونشر الشائعات المدمرة مستمر، وتعطيل المصالح بل والخلاص من بعضهم بدم بارد مستمر. فنحن اليوم أمام أقذر أنظمة العالم وأكثرها كراهية واحتقارا وازدراء لشعبه، وهو نظام يعلم أن أيامه معدودة، وأنه لا يمكن أن يعود قادرا على حكم نفس الشعب بنفس الطريقة كما كانت مرة أخرى أبدا، فلذلك هو «يودع» السوريين بطريقته القذرة وهو غير «مصدق» أن هناك شعبا يتمرد ويثور ويعترض ضد جنة نظام الأسد، الذي اكتشف الناس أخيرا أنها جهنم وبئس المصير، ولكنهم لن يسمحوا أبدا لأنفسهم أن يكونوا خالدين فيها.
العالم بكل الطرق وبكل التفاصيل سيكتشف تباعا حجم كذبة نظام بشار الأسد وحجم الخوف والمذلة التي عاش فيها السوريون طوال العقود الماضية وحجم الثمن الذي يمنحونه لأجل نيل الحرية الغالية.
السوريون حول العالم يعانون من نظام بشار الأسد وكل نوع من أنواع المعاناة لها ثمن ولها أثر، إلا أن الحقيقة الوحيدة أن كل يوم يستمر فيه بشار الأسد حاكما لسوريا هو في حقيقة الأمر صفعة قوية على كرامة البشرية وانتقاص من آدمية الناس، فلا نامت أعين الجبناء ولا مؤيدي هذا النظام.
نقلاً لـ صحيفة "الشرق الأوسط"