لنجعل بغداد تحتفل بالمطر... وتزدهر بالحب...........فوزي الاتروشي - وكيل وزارة الثقافة
والقينا قصائد تتغنى بالمطر وبدجلة الخير و(انشودة المطر) السيابية التي لايكاد عراقي لا يعرفها، وحين يهطل الغيث تغرق المدينة وتعلن مظاهر الحداد الكئيبة وتمتلئ المنازل بمياه المجاري وكأنها مدينة اشباح مسكونة بالهم والحزن والدموع والانين. انها مأساة ان تكون بغداد الازل والغزل والشعر والغناء مكاناً لمراكمة الآلام لمجرد ان السماء ارادت ان تكمل نعمتها على الرافدين الذين نعلن يومياً انهما يكادان يختفيان ويظمآن من الجفاف .
والانكى من ذلك اننا في العراق وفي هذا الزمن الحزين ننكر كل الشهادات الدولية التي تنبهنا الى واقع الكارثة وتحاول ان تشعل لنا شمعة في اخر النفق، فاذا قالت المنظمات الدولية المختصة ان العراق احد افسد الدول واحد افشلها , وان بغداد أسوأ مدينة للعيش وان العراق يهدر أموالاً طائلة نتيجة العطل التي بلغت نحو (180) يوماً في العام وان الفرد العراقي هو الاكثر تقاعساً في العمل على المستوى العالمي، نقول اذا صدرت هكذا شهادات نمتلئ غضباً وننكر ونزبد ونرعد للتغطية على الحقائق العارية, بدلاً من الاصغاء والاستماع وتعديل مسارات العمل والتنمية والخدمات.
ان السياسة في كل العالم ليست مفهوماً نظرياً مجرداً وانما مفردات تترجم على ارض الواقع على هيئة ماء صحي وكهرباء ومستشفيات ومدارس ومكتبات ومساكن عامرة وبساتين خضراء واعانة اجتماعية ورعاية للطفولة والامومة والاسرة وصناعة مزدهرة وزراعة تحقق الاكتفاء الذاتي. وملخص الكلام ان السياسة التي لا تعرف الرفاهية والخدمات ليست سياسة وانما خطابات ومقالات إنشائية وثرثرة كلامية وايديولوجيات وتشاجر وتكالب على المكاسب ليكون الوطن في النهاية هو المدمر والمواطن هو الضحية.
ان وطناً طحنته الحروب وشعباً دمرته المآسي والمحن في زمن الدكتاتورية على مدى (35) عاماً لاشك انه بحاجة الى اعادة تعريف لمفهوم الحزب والسياسة والعمل السياسي , فآلاف الكلمات والخطب المنبرية لا تعادل فعلاً واحداً على الارض وكل جبل التصريحات التي لا تسمن ولا تغني عن جوع لاتساوي الفعل البناء لاعادة البسمة الي بغداد الجميلة والتي نريدها اجمل. فكلما قلّت الكلمات وكلما زاد العمل والانتاج نكون قد رسمنا تقاسيم وطن جديد وعاصمة جميلة نفتخر بها في عالم اليوم .
اللهم زدنا مطراً وزدنا نعمة وزدنا حباً لبغداد التي ستصبح هذا العام عاصمة للثقافة العربية وهي بحاجة الى مطر الحب والامل والتفاؤل بشرط ان نكون جميعاً مؤهلين لجعلها تحتفل مع السياب بأنشودة المطر بدلاً من البكاء .... هذا يعني ان امانة بغداد وكل الجهات المعنية امام مهمة مباركة لتوفير الصرف الصحي في مدينة تستحق منا ملحمة حب.