نحو تشكيل مجلس اعلى للاقليات في البلاد ..............خضر دوملي *
وما يعانون منه من مشاكل وما يواجهونه من تحديات كثيرة تبقيهم في سرب النسيان ، ومعرضين للكثير من الاهمال ابرزها تشكيل مجلس يمثلهم في البلاد يكون بمثابة الجسر الذي يقوي روابطهم مع الاخرين.
الواقع الحقيقي للاقليات في العراق لايمكن تغطيته بتقرير، او بمتابعة لعشرة اشهر، انه واقع مرير، وما تنقله وسائل الاعلام على لسان الكثير من ممثليهم او ممثلي السلطة الذين اغبلهم لايعرفون من واقع الاقليات سوى اسم الاقلية، وطبعا لايعرفون كل الاقليات الدينية خاصة في البلاد ولايعرفون اي شيء عن المواثيق الدولية والاتفاقيات و القوانين التي تخص حقوق الاقليات، ولايمتلكون المعلومات الدقيقة عنهم سواءا عن اماكن تواجدهم او اعدادهم او طبائعهم ولاحتى عن اي شيء يسمى حقوق الغير المختلف، و يتبجحون في التصريحات بأن ((حالهم جيد وهم بخير وما محتاجين سوى الى السفر والسهر براحة البال)).
ليس هذا فقط بل ان الكثير من الامور الاخرى التي لها صلة بحقوق الاقليات لاتزال غائبة في البلاد، سواءا تلك التي تتعلق بالتشريعات، او التي لها علاقة بالحقوق ، او الخاصة بالمشاركة السياسية، او الانتخابات، او تلك الحقوق التي تستند الى المواثيق الدولية التي اقرتها الامم المتحدة، وغيرها التي تتعلق بالتعددية والتنوع .
هذه الامور وغيرها الكثير جاءت في التقرير الذي جاء تحت عنوان ( الاقليات في العراق ؛ البحث عن العدالة والمساواة والخوف من المستقبل 2012 ) وطبع باللغات الثلاث ( العربية، الكوردية والانكليزية) ورغم ان التقرير لم يكن يختص فقط بالاقليات الدينية، ألا انه كان الاكثر تغطية لواقع الاقليات الدينية، وحمل الكثير من التوصيات التي تخص تحسين واقعهم في البلاد وقدم الكثير من الرؤى والافكار التي جاءت على لسان ممثليهم، او وفق ما يقره الدستور العراقي ايضا، الى جانب ما اسفر عنه المتابعة الميدانية، التي حملت الكثير من الهموم،،،، وكوني اشرفت وجمعت المادة الاكبر للتقرير و التقيت بأكثر الممثلين واغلبهم وخاصة للاقليات الدينية، قرأت في تصريحاتهم واجاباتهم على الاسلئة والنقاشات التي دارت بيننا الكثير من الامور التي يصعب ان تقر في مقالة قصيرة كهذه ،،،، تلمست الخوف من المستقبل حقا لديهم و بحثهم ومناشدتهم لتحقيق العدالة، و تعرفت على الهموم الكثيرة التي يحملونها وفي الكثير من الاحيان لايستطيعون الاقرار بها والتصريح عنها،،، ليس خوفا فقط بل أن البعض منهم كان يقول ان الحديث عنها لايفيد الامر شيئا، ولايضيف اليه اي شيء، بل يجعل منه سببا في زيادة مأسيهم و استهدافهم وهروبهم ورحيلهم من البلاد مرغمين.
التقرير الذي لم ينل حظه الكافي من التغطية الاعلامية، او تسليط الاضواء عليه او تحليله، او الاستفادة منه من قبل السلطات، التي لاتهتم بهكذا امور لأنها (ستصيبهم بالصداع و الام الظهر والفقرات، و ألتواء الرقبة) ،،، لأننا كنشطاء مجتمع مدني نتفهم خوفهم من اثارة هكذا مواضيع ، اولا لانهم غير ضليعين وثانيا لأن هذا سيبرز فشلهم في ادارة هذا الملف المهم ، الذي يعتبر معيارا كبيرا لتحقيق الديمقراطية والعدالة في البلاد ،،،،، وعن اية عدالة نتحدث اذا لم يكن هناك عدالة فيما يخص حقوق الاقليات اذا ؟؟، وعن اية ديمقراطية نتحدث اذا كان لايزال التعامل مع الاقليات يتم كمواطنين درجة منسية؟، وحقوقهم الانتخابية ليست عادلة كمثال واحد لا اكثر، او اذا كانت هناك لاتزال قوانين وقرارات تطبق في البلاد تلحق الضرر الكبير بالاقليات الدينية واتباعها !؟.
وفقا لهذه الرى في اعلاه كان التقرير مليئا بالكثير من الحقائق والوقائع، كما انه قدم مجموعة كبيرة من التوصيات، ولكن التوصية الابرز التي أرى انه يجب العمل من اجلها لتحقيقها هو انشاء ( المجلس الاعلى للاقليات في البلاد ) يكون مستقلا كهيئة او مفوضية يتم تمويله من ميزانية الدولة ويتمثل فيه شخص من كل اقلية دينية في البلاد التي تم الاقرار بوجودها في الدستور و الاخرى الموجودة ايضا ولم تقر ( المسيحيين، الايزيدين، الصابئة، البهائية والكاكائية ).
هذا المجلس سيكون نقلة نوعية تحدد مهامه و واجباته وفق قانون البلاد، و يكون بمثابة هيئة استشارية او حلقة وصل تراقب تطبيق القوانين والقرارت، وتعديلها و اقرار قوانين تخص الاقليات الدينية، تقدم مشاريع للسلطات المعنية، تقدم المقترحات للحكومة، وتراقب تنفيذها وتقدم التقارير الدورية عن واقع الاقليات للحكومة والبرلمان والمنظمات الدولية والمؤسسات المعنية في البلاد، ويقدم الاحصاءات والتسميات الصحيحة و المعلومات الدقيقة عنهم،،،، تشكيل مجلس اعلى للاقليات سيحل الكثير من المشاكل، ويقلل دوخة الرأس للسادة المسؤولين الذين يتهربون من الحديث صراحة عن واقعهم في البلاد، وسيكون هيئة لها مكانتها اذا ما تم منحه الميزانية الجيدة وفسح المجال له كي يمارس سلطاته و يستمع الى نصائحه و تطبق المؤسسات التنفيذية التوصيات التي يقدمها وليس تخفيها وتتهرب منها كما هو الحال الان.
هذا الامر ليس بجديد لانه كان هناك في ثلاثينات القرن الماضي دعوات لتشكيل لجنة تقوم بهذه المهمة وكانت بحسب علمي واحدة من النقاط التي شكلت تحديا لدخول العراق لعصبة الامم، وفقا للجهود التي كان يبذلها هرمز رسام في هذا المجال،،، وهو ما يعني ان هناك بنية اساس للموضوع وليس بجديد وسيكون نقلة نوعية في مسار الديمقراطية وتنمية المجتمع و تقوية ثقافة المواطنة.
مجلس اعلى للاقليات في البلاد مهمة كبيرة سيعطي دفعة كبيرة لعجلة الديمقراطية في البلاد وسيساهم في شعور الاقليات بأنهم في بلد يحترمهم وتقر قوانين من اجل مصلحتهم، ، ، أوليس الكل يقولون انهم ابناء البلاد الاصلاء ،،، اذا ما الضير في تشكل هذا المجلس ؟؟
*باحث في مجل النزاعات وبناء السلام وناشط في حقوق الاقليات