• Monday, 23 December 2024
logo

الحظ والعقل ...........................شيرين محمود إسماعيل

الحظ والعقل ...........................شيرين محمود إسماعيل
طالما كان والدي يعيدُ على الطفلةِ الصغيرة شيرين حكايةً لا أعرف إنْ كانَ قد سمعها أو قرأها في كتاب، لكن ولعلاقتها بحاضرنا يسعدني أنْ أقصَّها عليكم:
في أحد الأیام التقى العقلُ بالحظ، في طريقهما إلی مكان ما، تجادلا حول مَنْ الذي يلعب دوراً أكبر في الحياة.
العقل: أنا ألعب الدور الأكبر.
الحظ: بل أنا.
رأى العقل رأس حصان میت، قال للحظ:
- هذه فرصتنا. ندخل رأس الحصان ونرى من له الدور الأكبر.
أجريا القرعة. فاز الحظُّ بالدخول أول مرة. مَرَّت جماعةٌ من الناس، نظروا إلی رأس الحصان، قال أحدهم: هذا الحصان يعود إلى فترة المسيح عليه السلام. بل هو حصان المسيح عليه السلام. حملوه معهم إلى الكنيسة، وانتشر الخبر، وتوافد الناس من أرجاء العالم ليروا رأس الحصان المقدس، بین حین وحین يهمس الحصان للحظ: ألا تخرج لأجرب نفسي أيضاً؟ يرفض الحظ بهدوء ويجيب: ليس بعد. لم تنتهِ مهمتي. ازدادت الزيارات والهدايا، وصارت الكنيسة من أغنى كنائس العالم. خرج الحظ من رأس الحصان ودخل العقل فيه. سمع بعض العلماء عن رأس الحصان، سافروا لزيارته ورؤيته، فحصوه ولمسوه، قالوا: رأس الحصان هذا حديث إنما يعود لخمسين سنةٍ فقط. قلَّت الزيارات إلى الكنيسة، صار رأس الحصان المقدس مجرد رأس حصان. افتقرت الكنيسة من جديد.
أعتقدُ أنَّ الموجودین حالیا فی المناصب الإدارية والسياسية قد انتهى دورهم، وأنَّ الحظَّ الذي سمحَ لهم باعتلاء كراسٍ أكبرُ منهم حجماً، قد انسدَّ أنفهُ من الروائح الكريهة من أفواههم الكاذبة وعليهم أن يفسحوا المجال للعقل كي يدخل وينظر في الحياةِ التي أفسدوها.
Top