• Monday, 23 December 2024
logo

حرب المالكي فقط مؤجلة

حرب المالكي فقط مؤجلة
بنكي حاجو
كلما اقترب النظام السوري من نهايته والتوجه الى تشكيل دولة علوية على الساحل كلما ازداد احتمال نشوب الحرب التي يخطط لها المالكي ضد اقليم كردستان كمخرج وحيد من الافلات من مآزقه العديدة والعسيرة واولها تآكل النظام في دمشق والفساد والتخلف والفقر الذي استشرى في العراق في سنوات رئاسته للحكومة .

ايام الحرب الباردة كان ترديد المقولة التالية امرا عاديا وهي : اذا عطست موسكو اصاب الزكام دول حلف وارسو او اذا عطست واشنطن اصاب الزكام العالم الرأسمالي وهكذا...... .

الآن بامكاننا ان نقول : اذا ارتفعت حرارة دمشق فان بغداد وطهران تصاب بالرعشة والرجفان والغثيان مع احتمال وقوع المضاعفات المرضية المرافقة بما فيها التهاب السحايا و الفالج والسكتة القلبية وحتى الوفاة .

لم يبق جاهل لم يعد يعرف ان نهاية النظام السوري يعني في نفس الوقت نهاية النظامين الايراني والعراقي حتما .

وضع ومصير بغداد اكثر تعقيدا بكثير من طهران ، اذ ان مصير هذه الاخيرة قد يبقى منحصرا في نهاية نظام حكم الملالي سواء كان بانقلاب عسكري او انتفاضة شعبية والنتيجة هوالانتقال الى نظام علماني ديمقراطي يتعطش اليه الشعب الايراني .

اما مصير العراق فانه معقد ومبهم ، اذ ان هناك احتمال نشوب حرب طائفية بين السنة والشيعة نتيجة للتراكمات الكيدية وذلك عندما تزول الحدود بين السنة على جانبي الحدود العراقية ــ السورية ليشكلوا قوة متحدة و كبيرة مقارنة بالشيعة في العراق . هذا هو احد اهم الاسباب وراء التصعيد الاخير في تهديدات المالكي بالحرب ضد اقليم كردستان وبالتوازي مع انتشار الانباء التي تدعي قرب سقوط نظام دمشق الهدف منه الهاء العراقيين و ضرب العرب السنة بالكرد .

حكومة السيد المالكي واقعة في الحضن الايراني وتأتمر بأوامر طهران كما يعرف الجميع بالاضافة الى سياساته الطائفية ضد السنة لسنوات . ولكن بقدرة قادر وفجأة ضربت النخوة القومية " العربية " رأس المالكي وقال ان الحرب مع الاقليم الكردي هي حرب " قومية " وهذا ما لم يقله رئيس النظام السابق صدام حسين في اوج حروب الابادة التي قادها ضد الكرد وسمى تلك الحروب بأنها ضد المخربين والانفصاليين ولم يقل ضد الشعب الكردي كما وردت في مقالات لبعض الكتاب مؤخرا .

اما التبعية لايران فقد جاءت على لسان المالكي نفسه عندما صرح بانه عاجز عن تفتيش الطائرات الايرانية المتجه الى سورية!! . طبعا الطائرات محملة بالذخائر والعتاد . عجز عن تفتيش الطائرات ولكن يمكن اشعال حرب اهلية ضد الكرد !!.

" الحرب القومية " المالكية اثارت الحنين عند الكثيرين من الضباط البعثيين السابقين و العاطلين عن العمل طيلة سنوات حكم المالكي في العودة الى الجيش وهم يتحرقون شوقا الى تلك الرتب التي كانت تتلألأ على اكتفاهم .

السنة العرب هم حطب هذه الحرب كما يخطط لها المالكي ، وذلك بسبب ان المناطق المتنازع عليها يشكل العرب السنة فيها الاغلبية في الطيف العربي لاسيما في كركوك والموصل وصلاح الدين .

ويبقى السؤال الخطير وهو : هل سيشعل السيد المالكي حربا ضد اقليم كردستان ؟ اعتقد ذلك ، بل انه مضطر لاشعالها كسبيل وحيد لانقاذ نظامه وشخصه وبطانته بسبب الفشل الذريع في كل سياساته وفي مقدمتها الفساد الذي حول العراق وبموارده الضخمة الى بيدر للسلب والنهب وادى الى انتشار الفقر والجهل والامراض مع انتشار الارهاب وما يجره من قتل وتدمير .

افتعال و اشعال الحروب لتحويل الانظارعن المشاكل الحقيقية للاوطان ليس اختراعا من صنع المالكي او اركان حكومته فهي قديمة قدم التاريخ . هناك امثلة على ذلك من التاريخ القريب جدا . صدام حسين فعلها في اجتياح الكويت للتغطية على الافلاس الاقتصادي وعدم تحقيق النصر في حربه على ايران وان تلك اللحظة كانت النقطة التي سيبدأ فيها طائر الحظ ليحط فوق رأس المالكي لاحقا ويحكم العراق . لا داعي لفتح الجروح والتذكير بالنهايات التي هي معروفة للجميع .

ومن سخرية القدر ان المالكي بالذات يرتكب نفس الخطأ القاتل حاليا .

في سبعينات القرن الماضي فشل قادة الانقلاب في اليونان من تسيير دفة الحكم . اتجه الضباط الى تأجيج العواطف والحماسة القومية لدى الشعب اليوناني ودبروا انقلابا في قبرص ضد مكاريوس واعلان ضمها الى البلد " الام " اليونان . النتيجة كانت غزوة تركية الى قبرص بعد بضعة اشهر وهزيمة الانقلابيين وابتلاع نصف اراضي الجزيرة حتى يومنا هذا من قبل تركيا مما ادى الى سقوط نظام الانقلاب في اثينا وقضى قادة الانقلاب سنوات طويلة في غياهب السجون .

كذلك حرب الفوكلاند التي افتعلها حكام الارجنتين . الامثلة كثيرة والنهايات دائما كانت كارثية على اصحابها بالدرجة الاولى ودفع فواتيرها ايضا الابرياء بالدماء والارواح .

تبقى الكرة في ملعب العقلاء والوطنيين الشرفاء و المخلصين سواء في داخل العراق او دول الجوار لمنع وقوع مثل هذه الحرب المجنونة والتي ستأتي على الاخضر واليابس ولن يكون هناك منتصر بل ستلحق الهزيمة والفاجعة الجميع دون استثناء .
Top