• Monday, 23 December 2024
logo

عندما ينتقم" المالكي للأسد " في أربيل

عندما ينتقم
لاأحد ينفي حجم المشاكل المتراكمة في العراق قسمها الأعظم من ارث الماضي الذي خلفها النظام الدكتاتوري البائد وبعضها من افرازات مرحلة مابعد تحرير العراق الذي يرحل من حكومة الى أخرى ولاشك أن حكومة – حزب الدعوة – الراهنة التي ضربت رقما قياسيا في السلطة تتحمل المسؤولية الكبرى في تعثر العملية السياسية الديموقراطية ووقف العلاقات التوافقية بين المكونات العراقية القومية والمذهبية التي تشاركت في مواجهة الاستبداد والنجاح في اسقاط النظام السابق والتنصل من الالتزامات الدستورية خاصة مايتعلق بالمادة 140 المتعلقة بكركوك والمناطق الكردستانية المستقطعة وباستحقاقات الاقليم في مسائل النفط والغاز والبيشمه ركة وغير ذلك من الأمور وكما تشير الدلائل فان الحكومة الراهنة المستأثرة بالحكم بدأت ومنذ قرابة العامين تنحو باتجاه نزعة التسلط والتفرد ورفض الآخروتغرق في مستنقع الفساد ونهب الخزينة لمصالح فئوية وحزبية ضيقة .

نقول أن العراق الجديد مازال مثقلا بالجراح القديمة والجديدة وكانت القوى المؤتلفة المتوافقة ومن خلال العملية السلمية والانتخابات وبناء المؤسسات وتداول السلطة تسعى الى حل مشاكل البلد عبر الحوار والأطر الشرعية وازالة آثار الماضي الرهيب ولكن ومنذ اندلاع الثورة السورية منذ عشرين شهرا تغيرت الحالة التوافقية الوطنية ودب الخلاف في مواقف الشركاء تجاه القضية السورية ( وهي مفصلية بأبعادها المتعددة ) بين موقف سياسي داعم لنظام الأسد من جانب السلطة التنفيذية بضلعيها رئاسة الدولة والحكومة وبين آخر متعاطف مع الثورة والشعب السوري ولكن في اطار – الحياد – رسميا من جانب رئاسة اقليم كردستان والكتل والمكونات من خارج الحكومة وحركات المجتمع المدني والخطورة في الموقف الأول نابعة من انشداده الى أجندة خارجية وتحديدا من جمهورية ايران الاسلامية ومنطلقات غير مبدئية من طائفية ومصلحية تصب لمصلحة محور الممانعة الذي يضم الى جانب ايران نظام الأسد وحزب الله اللبناني وقد تردد أن حكومة بغداد قدمت مساعدات بمليارات الدولارات الى نظام دمشق اضافة الى تمرير شحنات الأسلحة والذخيرة عبر البر والجو وكذلك مقاتلين لنجدة الأسد .

لاننكرهنا وجود قضايا كبيرة عالقة بين اقليم كردستان والمركز وكانت مجال البحث منذ عام 2003 عبر الحوار السلمي والمؤسسات الشرعية والاستناد الى بنود الدستور ولكن من الملاحظ أن حكومة بغداد ومنذ بداية الثورة السورية كماذكرنا اختارت التوقيت على ضوء الحدث السوري وبدأت بتصعيد الموقف تجاه الاقليم الكردستاني الذي استقبل حتى الآن أكثر من 45 ألف لاجىء سوري التزاما ببنود دستوري العراق الاتحادي والاقليم بخصوص اللجوء الانساني والسياسي بينهم مئات من العسكريين الكرد المنشقين عن جيش النظام كما سمح للأحزاب الكردية السورية بممارسة أعمالها واجتماعاتها في أربيل واستقبل رموزا للمعارضة السورية وذلك كما يحصل في دول الجوار الأخرى لسوريا مثل تركيا والأردن والى حد ما لبنان مما أزعج كل ذلك وكما يبدو نظام ايران وحكومة المالكي ولاشك أن ضغوطا شديدة غير مرئية قد مورست ضد قيادة الاقليم وقد يكشف النقاب عنها في وقت ما أما حكومة المركز وتماشيا مع سياستها السورية بدأت بالتصعيد الى درجة التهديد العسكري عبر اقامة تشكيلات جديدة باسم " قوات عملية دجلة " ومحاولة زجها للتصادم مع قوات البيشمه ركة وحرس الحدود في كردستان ولم يستطع أصحاب القرار في بغداد اخفاء أجندتهم المشتركة مع حكام طهران بواسطة اثارة النعرة العنصرية ومحاولة تحويل المسألة وكأنها صراع بين العرب والكرد والادعاء بحماية العرب من – التهديد – الكردي وكما يعتقد فان التعبئة العسكرية لقوات دجلة تهدف الوصول الى الحدود المشتركة العراقية – السورية وخاصة المسافة الحدودية الاستراتيجية بين الاقليم وسوريا الممتدة بطول بين 20 – 25 كم والمشرفة على حقول النفط في – قره جوغ – على الجانب السوري والسيطرة عليها بعد ازاحة القوات الكردية وذلك للتمكن من دعم قوات الأسد من جهة والتحكم بمنابع النفط الوحيدة في سوريا الواقعة في المنطقة الكردية السورية ومن غير المستبعد أن يكون في مخططات الحكومتين الايرانية - العراقية العسكرية والأمنية وحلفائهما من بعض المجموعات الكردية في العراق وتركيا توجها عدوانيا لاحتلال مناطق في محافظة الحسكة قبل انهيار نظام الأسد وحتى بعده وذلك في عملية التجاذب الاقليمي والصراع على النفوذ بين ايران وتركيا وهناك سابقة حصلت في 1984 – 1985 عندما حاول تحالف ( نظاما حافظ الأسد وايران وأوك وب ك ك ) وبسكوت ورضى عراق صدام حسين وتواطىء تركيا غير المباشر مواجهة ح د ك بقوات عسكرية مشتركة تحت – شيفرة – " عملية الأوكورديون " انطلاقا من دمشق وعبر نفس المناطق المستهدفة الآن ومانشاهده اليوم يدور بالفلك ذاته مع تبدل طفيف في بعض الجوانب والآليات التكتيكية .

على ضوء هذه المخاطر والتحديات الماثلة نرى أن موقف رئاسة وحكومة اقليم كردستان المواجه لسياسة حكومة بغداد التصعيدية بصرامة والاستعداد للحوار والتوافق والالتزام بالدستور في الوقت ذاته يتسم بحسن التصرف والثبات على المبادىء الوطنية والكردستانية السليمة ولاشك أنه يستمد صدقيته وقوته من دعم واسناد شعب كردستان العراق بكل أطيافه ومكوناته وكل قوى الحرية والسلام بالمنطقة والعالم كما ينال التعاطف من غالبية العراقيين بمافيهم المرجعيات الشيعية المتنورة الحريصين على العراق الاتحادي والانجازات التي تحققت بعد الاطاحة بالنظام الدكتاتوري وعلى تعايش مكونات العراق القومية والدينية والمذهبية وعلاقات الصداقة والعيش المشترك بين الشعبين العربي والكردي .
Top