• Monday, 23 December 2024
logo

البيان رقم 1

البيان رقم 1
عندما تتسع دائرة الخلاف بين قوى الدولة الديمقراطية، يحرص زعيم كتلة التحالف النيابي الحاكم على جمع شمل حلفائه ومحاولة كسب الوسط، وتحييد ما يمكن من المعارضين.

يوم امس الأول استمعنا لرئيس الوزراء السيد نوري المالكي وهو لا يوفر احداً، بدءاً من صديقه رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني الذي قال في عز ازمة محاولة سحب الثقة عنه “كلنا مسؤولون عن اخفاقات الحكومة، وليس المالكي وحده”. لكن المالكي وهو في سورة غضبه لم يسلم منها الصحفيون الحضور .

واستمرت “صولة” المالكي لينعت رئيس لجنة حقوق الإنسان احد قادة الحزب الحليف من مكون رئيس بأنه “ارهابي”، لم يقل رئيس الوزراء أنه “متهم بالإرهاب بموجب المادة 4 من قانون الطوارئ”، إنما “حكم” عليه بجريمة الإرهاب، وهذا خارج حدود السلطة التنفيذية ومن مهام سلطة القضاء، الذي ينبغي أن يكون بعيداً عن تأثيرات السلطة التنفيذية، بل حتى ضغوط الرأي العام، فالعدل يحكمه القانون وحده وليس الرأي العام ومزاجه أو سورة انفعاله.

وطالت غضبة المالكي حلفاءه من التحالف الوطني فوصف ثاني اكبر مكون في التحالف الوطني بـ”القتلة”، فيما حذر الكرد من حرب قومية، وكأنه بات احد زعماء الحكومات السابقة في العراق لما قبل 2003، وليس زعيما لحزب إسلامي يدعو للتنوير والتعامل مع الدين بوعي وتفتح ويحرص على قول الله تعالى” لافرق بين عربي واعجمي، إن اكرمكم عند الله اتقاكم”.

كان خطاب السبت معركة غير مسبوقة لم تبق صديقاً، ومحاولة لقلب كل الحقائق، فالشيء المؤكد أن الكرد لو كانوا قد اصطفوا مع الكتلة العراقية والحزب الإسلامي، لكان في وسعهم التذرع بتوفر كتلة كبرى بجانب الكتلة الفائزة بأكثر عدد من المقاعد، بالتالي كان يمكن ان يحدث الكثير من التقلبات، خصوصاً وأن بعض حلفاء المالكي من غير التحالف الوطني لم تكن مواقفهم واضحة، وكانوا يتطلعون لفرصة تتيح لهم دوراً اكبر في الحياة العامة. لكن الكرد متمسكون بالتحالف الإستراتيجي للمظلومين.

إن هذا الخطاب غير المسبوق في محاربة الجميع هو منزلق خطير، قد يعني عملياً “خطوات غير مسبوقة لاحقة”، وهي خطوات لن تكون منسجمة مع العملية السياسية لبناء دولة ديمقراطية، ولن تكون منسجمة مع الحكم النيابي، ولا غرابة فإن ما طرحه أحد كبار موظفي مجلس الوزراء عن تعطيل مجلس النواب لدورة او دورتين، قد يكون الخطوة المقبلة للسيد المالكي في بدء حقبة جديدة من الإنقلاب غير العسكري على الدولة بتعطيل الدستور وكل مؤسساته الشرعية بذريعة انجاز مهام “القيادة الضرورية” وزج العراقيين في معاناة جديدة من “الحكم الثوري” وقمع كل الحلفاء.

فعلاً إنه خطاب غير مسبوق، إنه البيان رقم واحد، والكثير من الخطوات غير المسبوقة باتت متوقعة لمن لم يوفر صديقا ولا حليفاً ولا احترم خصماً، وتأكيد الحاجة إلى “قائد الضرورة”.
Top