الدباغ انتم السابقون.. فمن هم اللاحقون؟
6 سنوات والسيد علي الدباغ جالس أمام بوابة مجلس الوزراء، يغازل هذا، ويصارع ذاك، يدخل في معارك وحروب طاحنة، لكنه في النهاية يخرج منها منتصرا، بفضل الرعاية والحماية التي كان يحيطها به رئيس الوزراء نوري المالكي، 6 سنوات والدباغ يلوح بالعصا لكل من يريد الاقتراب من أسوار مكتب المالكي.
كل هذه السنوات والوزير الناطق -الذي اكتشفنا مؤخرا انه وزير بعقد- يطرح نفسه باعتباره المقاوم والمدافع عن نزاهة الحكومة ضد أي شائبة فساد او سرقة للمال العام، لا يترك مناسبة إلا يعلن فيها بصوت عال بان لا مكان في العراق الجديد لمن يريد ان يلوث ثوب الحكومة الناصع البياض، ولذلك فالرجل حظي باعجاب مقربي الحكومة ودعمهم ومباركتهم حين اعلن في اكثر من مناسبة ان السيد المالكي ومن معه مكلفون شرعيا بالجلوس على انفاسنا، بل وطلب منا وهو يبتسم ان نؤمن بأن المسؤولين ليسوا بشرا مثلنا يصيبون ويخطئون، بل هم نوع نادر من الملائكة يحلقون بأجنحة بيضاء، وجوههم سمحة.. ولهذا فان الدفاع عن اخطائهم وخطاياهم فرض عين على كل مواطن يتمتع بخيرات ومنجزات هذه الحكومة، التي قال عنها الدباغ يوما: انها استطاعت ان تقنع الشارع العراقي والمواطن بما قدمته من خدمات واستقرار أمني، بل ذهب الخيال به ان يعلن ذات ليلة وبصوت عال ان زلزالا، يمكن ان يضرب البلاد لو فكر البعض مجرد تفكير باختيار بديل للسيد المالكي.
6 سنوات والدباغ مصر، ان الدنيا ربيع والجو جميل وبديع، وعلى العراقيين ان يرفعوا أيديهم بالشكر للنعمة التي يعيشون فيها خلال هذه السنوات السعيدة.
الا ان الطريف وفي الوقت الذي كان فيه الدباغ يجلس على مقعده الوثير، وفي غمرة الحملة الكوميدية التي يقودها للدفاع عن حياض الحكومة، اكتشف ان هناك مؤامرة خبيثة تريد النيل من سمعته في قضية الاسلحة الروسية، ولهذا نراه هذه الايام وهو يغادر منصبه يحاول ان يحجب ويلفلف وقائع حدثت، من خلال عرض ساذج أطلق عليه صناعه عنوان "الدباغ يقدم استقالته" وهو نوع من الخدع التي ملت الناس منها، وجزء من عملية منظمة للتغطية على فساد ينخر في مفاصل مؤسسات الدولة، لان البعض وهو يروج لاستقالة الدباغ يريد أن يوهمنا بان الخلاف انتهى، والمالكي انتصر للحق، وان المسيرة الظافرة تواصل انطلاقها إلى الإمام، والصفقة ستستبدل بصفقات اخرى، والناطق يمكن ان نحصل على واحد اكثر فصاحة منه، هكذا يصر البعض على ان يغيبوا القانون، من خلال ممارستهم للجرائم بوضح النهار.
وسط هذا كله نجد الدباغ يستدير برشاقة ليقول ان لديه ملفات تكشف فساد الكثير من مقربي رئيس الوزراء وان هؤلاء ان لم يصمتوا فان الناطق سيكشف عن حقائق مهمة تغير مجرى صفقة الاسلحة الروسية، وان من يريد الجلوس على مقعده الوثير والمريح، ان يدفع مهر سكوت الدباغ، كما ان الدفع ينبغي ان يكون على رؤوس الاشهاد.. وهو شهادة حسن سير وسلوك يمنحها المالكي لمن ظل 6 سنوات من اشد مؤيديه، مرددا على اسماعنا كل يوم منولوجا مضحكا يبرر فيه خطايا وأخطاء الحكومة.
السيد الدباغ للأسف إن كل قنابل الدخان التي تثيرها هذه الايام، لن تعمي أبصار الناس عن الحقيقة الناصعة، سرقة اموال الشعب العراقي من خلال صفقات وهمية، وان محاولات اصطناع مبررات من عينة ان الصفقة لم تنجز وانها مجرد اوراق لم توقع بعد، كل ذلك سيبقى مجرد نوع من الالعاب البهلوانية التي تريدون ان تضحكون بها على الناس.
والسؤال الآن: لماذا قبل المالكي استقالة الدباغ وفي هذه الأيام بالذات؟ اذا علمنا ان لجنة النزاهة البرلمانية اتهمت الدباغ ومسؤولين اخرين بالتغطية على فساد صفقة الاسلحة الروسية، والسؤال الاهم هل سنجد الدباغ بعد يومين يتجول في شوارع دبي آمنا مطمئنا؟ ما رأيكم ايها العراقيون هل نسمع صوتكم مثلما نسمع صوت المصريين هذه الايام، ام ان هواء الحكومة العليل جعلكم تغضون الطرف عن كل الجرائم التي ترتكب بحق العراق؟