التصعيد الاخير بين بغداد واربيل جاء نتيجة تراكمات سياسية بين الجانبين وهذا يعرفه الجميع بلا ادنى شك، وكلها ليست عصية عن ايجاد الحلول رغم الصعوبات التي تكتنفها في العديد من الملفات، والمشكلة في الازمة السياسية هناك البعض يريد ان يعطي للامور اكثر من حجمها، هناك الكثيرون تروق لهم الخلافات والازمات بين الكيانات والكتل لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة، وهذه ليست جديدة على الساحة العراقية لان هناك من لم ير نفسه سوى في الازمات ولايستطيع العيش في الاجواء الصحية، بعد تبادل التصريحات بين الجانبين لابد لمن يدعي الحرص على مصلحة العراق والعراقيين ان يحاول الجمع بين الطرفين والسعي لتضييق هوة الخلافات، المؤلم هناك وسائل اعلامية عربية كانت او عراقية فتحت ابوابها لضيوف الشاشات لابداء ارائهم وليس هذا فقط بل هناك من يقوم بالتحليل عن ماذا يحدث وبعد ما يحدث وكل هذه التحليلات لا اساس لها من الصحة لان ما يتوقعونه لن يحصل، توقعاتهم ان تحصل مواجهات عسكرية بين الجانبين، وهذا التوقع مجرد التفكير به سواء من الجانبين او من الاخرين يعني كارثة بعينها، وفي حال حصوله وهذا امر مستبعد نهائيا الضرر يصيب جميع العراقيين ،ومن جانب اخر خنادق النضال التي جمعتهم ضد الدكتاتورية كان هدفهم الاساس انقاذ العراق وشعبه من سفك الدماء كما كان يمارسه النظام البائد وتحديدا الضحايا وبنسبة كبيرة كانت من الكرد والشيعة اضافة الى المكونات العراقية الاخرى، وكيف لهم الان التفكير به بعد احداث 2003؟، لاضير في مناقشة مايحصل في الاعلام لايصال الامور واضحة الى الراي العام، بالاضافة الى ان المجتمع الدولي لايمكن ان يسكت عن اي قتال يحدث، ولاسيما الولايات المتحدة الامريكية التي كان لها الدور في اسقاط النظام البائد ومساهمتها في بناء العراق بعد 2003، ولكن ليس على شاكلة ما تريده بعض الفضائيات المعروفة بتوجهاتها التدميرية للعراق وشعبه، الجانبان يؤكدان في تصريحاتهما على الالتزام بالدستور والاتفاقيات المبرمة بينهما والدعوة الى الحوار واجراء المفاوضات لحلحلة العقد الخلافية، بالاضافة الى اعلانهم الدائم بالحرص على مصلحة العراق والعراقيين ،هل يعقل من ينادي بالحوار والالتزام بالدستور ان يقرع طبول الحرب؟، الكرد لايمكن ان يكونوا من دعاة القتال والحروب لانهم يعرفون جيدا ثمن ذلك عندما قامت الحكومات المتعاقبة باستخدام انواع الاسلحة التقليدية وغير التقليدية ضد هم لمنعهم من المطالبة بحقوقهم ،ولم تتمكن من القضاء على هذا الشعب المسالم وكان يزداد ايمانا بعدالة قضيته، التساؤل اين الذين ارادوا ابادة الكرد، واين وصل الشعب الكردي؟ التجربة الكردية واعمار كردستان يعد مفخرة لكل عراقي، عند الاقتتال الطائفي تلك الصفحة السوداء، كانت كردستان ملاذ العراقيين جميعا واحتضنت كردستان الكفاءات العراقية بمختلف اختصاصاتها ليس مقابل شيء وانما ايمانا من القيادات الكردية ان هذه الكفاءات هي ثروة العراقيين جميعا، والمناسبات التي تمر الان كردستان فيها قبلة السياح العراقيين ومن جميع المحافظات، فهل هناك عراقي اي كان انتمائه ان يقبل باندلاع القتال مجددا؟، الجواب ببساطة كلا وعلى السياسيين عند الاقدام على اية خطوة بان يجعلوا ارادة الشعب نصب اعينهم، رغم قناعة الشارع العراقي بان الازمة الحالية اخذت طابعا شخصيا، ولكن يحدوه الامل ان تسود لغة الحوار والسلام الاهلي بين الكتل والكيانات لانهاء الازمة الحالية وليست لغة التهديد والتحذير والقتال، التهدئة والهدوء يجب ان يكون شعار الجميع ومن ثم اللقاء والحوار والحل.
عبد الهادي مهدي