• Sunday, 22 December 2024
logo

المناطق المختلطة أي المستقطعة

المناطق المختلطة أي المستقطعة
لم نكن على دراية يوماً بأن الخلافات السياسية بين الأحزاب قد تغير معالم الدستور، بحيث تصل الى مستوى بأن تطلق مصطلحات معاكسة تماماً عما هيّ عليها في أروقة الدستور.

لا يغفل البال عنا، ان الخلافات القائمة حالياً بين إقليم كردستان والحكومة العراقية، تندرج ضمن سلسلة من التوترات الناجمة عن تراكم وزحف بعض نقط الخلاف التي هبت رياحها منذ بداية العملية السياسية الديمقراطية في العراق بعد سقوط الصنم في 2003.

البيشمركة، وميزانية هذه القوات، ومسألة تسليحها، وتنفيذ المادة 140 الدستورية المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها إدارياً، مسألة العقود النفطية المبرمة من قبل حكومة إقليم كردستان وشركات النفط العالمية.. ومسألة النقاط الحدودية.. ومسائل اخرى أقل أهمية من التي ذكرت، هي مصدر نشوب هذه الخلافات التي غيرت من طبيعة العلاقة بين إقليم كردستان وحكومة العراق، وتسفر عنها إنشقاقات أخرى كما لاحظنا مؤخراً فقد تم تشكيل عمليات دجلة العسكرية، والتي حضيت برفض قاطع من قبل الكرد وقياداتها، وأيضاً من الكتلة العراقية التي أشهرت مؤخراً رفضها على لسان رئيسها الدكتور أياد علاوي، الى جانب بعض القيادة الشيعية والتي يمثل عنها رئيس الحكومة نوري المالكي..

لا ارغب في الدخول الى تفاصيل هذا الموضوع، لاشأن لي في هذه المقالة بهذا الموضوع، كل ما هو لفت إنتباهي هو المخالفة الواضحة من الإعلام المقرب من رئيس الحكومة العراقية، بشأن المخالفة الدستورية، وهي إستخدام مصطلح "المناطق المختلطة" لما جاء في الدستور عنه بـ (المناطق المتنازع عليها) والتي تشمل كركوك ومناطق اخرى.

نص المادة (140) من الدستور العراقي الدائم الذي صوت عليه في 15 تشرين الاول 2005 هيّ:

أولاً – تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، بكل فقراتها .

ثانياً – المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على ان تنجز كاملة (التطبيع، الاحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها) في مدة اقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنه الفين وسبعة.

اتساءل هنا، من أين أتى هذا الإعلام بمصطلح "المناطق المختلطة"؟. فإذا كان لوجود قوميات متعددة فيها، فان الكرد لا يرون هناك خلافاً بتواجد جميع أطياف الشعب العراقي في كركوك، وقد أكدوا مراراً وخصوصاً على لسان الرئيس جلال طالباني بأن كركوك لجميع العراقيين لكن بهوية كردستانية، فبحلتها هذه تبقى كركوك وخانقين بهوية كردستانية على الرغم من المعاكسات الناتجة عن مصالح حزبية شخصية ضيقة.

فقد سبق وان إستعمل الكرد مصطلح المناطق المستقطعة، إعتماداً على انه بالفعل هذه المناطق قد استقطعت عن إقليم كردستان، وغيرت ديمغرافيتها على أيد الأنظمة السابقة وبالاحرى النظام البعثي البائد الذي إستعمل شتى الوسائل للقضاء على الكرد، بقصفهم وأنفلتهم وتغيير ديمغرافية المناطق الكردية.

إستعمال مصطلح "المناطق المختلطة" في هذا التوقيت لا يخفى على أحد انه محاربة اخرى ضد الكرد، وهي إمتداد للخلافات التي ذكرتها. وكوني أعمل في مجال الإعلام أعلم تماماً ماذا يعني تغير مصطلح دستوري قانوني الى آخر وفي وقت عصيب كالذي نعيش فيه.

ثمت سؤال آخر يطرح هنا، وهو هل يسمح الدستور تغيير المصطلحات القانونية وخصوصاً الحساسة كالتي ذكرناها؟ لجأت الى شخص قانوني حين كتابتي هذا المقال وسألت عما أسأل فكان رده " تغيير المصطلحات الدستورية من الناحية القانونية أسميها مسألة سياسية إعلامية". ومن هذا المنطلق ادرجها شخصياً ضمن المعاكسات المتخذة ضد الكرد.

والباقي أتركه للقارئ.
Top